مدير التحرير

وفاء رمضان
Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

مدير التحرير

وفاء رمضان

حوار | أسامة الهتيمي يوضح خفايا محادثات فيينا ودور إيران في مأساة سوريا واليمن

تزامنًا مع محادثات فيينا المنعقدة بشكل متقطع منذ نهاية العام الماضي 2021، أجرت المؤشر حوارًا مع الكاتب الصحفي والخبير بالشأن الإيراني أسامة الهتيمي، حول انتهاكات وجرائم إيران في الشرق الأوسط، ولفهم طبيعة المفاوضات وما يحدث داخل أروقة المحادثات الإيرانية الأمريكية، وللوقوف على دور الإرهاب الإيراني في أزمات الشرق الأوسط والمنطقة العربية، ودور طهران في مأساة سوريا واليمن، وجاء الحوار كالآتي:

– منذ عقود والإرهاب الإيراني مستمر في الشرق الأوسط والمنطقة العربية دون رادع.. في رأيك ما هي سبل مواجهة طهران لوقف عدوانها على العواصم الإسلامية والعربية؟

ج- لنتفق أولا على أن هذا الإرهاب الإيراني بمختلف أشكاله ليس ظاهرة حديثة وإنما يعود لقرون سابقة وإن اشتدت حدته في العقود الأربع الأخيرة عقب الثورة الخمينية عام 1979م والتي أصبغت على هذا الإرهاب صبغة عقائدية وأيدلوجية منحته الكثير من الزخم وتمكنت من استقطاب قطاعات جماهيرية أضحت شوكة مؤلمة ومؤثرة في جسد الأمة العربية والإسلامية.

ولعل مكمن الخطورة في هذا الإرهاب هو أنه أحد آليات مشروع كبير تسعى إيران لتحقيقه في المنطقة بل في العالم كله وهو ما يدفعها إلى أن تتحرك على عدة جبهات وبالتزامن دون تراخ أو تباطؤ ما يحقق لها الكثير من المكاسب في مقابل غياب مشروع عربي وإسلامي موحد واقتصار المواجهة على مشاريع فردية أو وقتية إزاء حالة استقطاب حادة في صفوف دول المواجهة ومن ثم فإن المواجهة الجدية والفاعلة تقتضي وعي تام بخطورة الموقف وتوافق ملزم على تبني مشروع موحد لصد العدوان الإيراني على كل الأصعدة الثقافية والدينية والإعلامية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وغير ذلك.

2- كيف تواجه الدول العربية وبالأخص منطقة الخليج مخاطر التشيع عبر الميليشيات والجماعات الدينية التابعة لطهران؟

ج- لم يتردد الخميني ورجال ثورته فور نجاحهم في السيطرة على مقاليد الحكم في الإعلان عن مبدأ خطير أكد هواجس العديد من الأطراف إزاء هذه الثورة إذ تيقنت هذه الأطراف أن الهدف الحقيقي لهذه الثورة ليس تخليص الشعب الإيراني من استبداد أو فساد الشاه فحسب كما كان يروج أنصارها وإنما ثمة بعد آخر جسده مبدأ “تصدير الثورة” وهو حلم استعادة الإمبراطورية الفارسية التي كانت تحكم نصف العالم في أزمان سابقة ما يستلزم أن يكون هناك ظهير شعبي وجماهيري داعم خاضع لمقولات هذه الثورة وأدبياتها من خلال الوقوع في فخ التشيع بصيغته الخمينية التي اجترت من التاريخ القريب ما يسمى بنظرية ولاية الفقيه وأحدثت فيها تجديدا وتطويرا يمنح هؤلاء حق تنصيب بديلا عن الإمام الغائب “المسردب” الذي غاب غيبته الكبرى في القرن الرابع الهجري.

في هذا السياق فإن نشر التشيع بمحوريه الديني والسياسي أيضا أضحى فريضة على كل من يؤمن بهذه الثورة ومبادئها الأمر الذي يفسر تصاعد وتيرته في الكثير من الدول وخاصة الدول الخليجية التي تعد في ترتيب مراحل المشروع الإيراني المرحلة الأهم والأخطر لذا يطلقون عليها “المرحلة الخضراء” .

وبطبيعة الحال فإن المواجهة تحتاج لكثير جهد وتجاوز حالة اللامبالاة التي اتسمت بها سياسات بعض الدول ويسبق ذلك ضرورة التنسيق حتى يتم سد الثغرات التي يمكن لإيران أن تنفذ منها – وهي كثيرة- ووضع العديد من البرامج الثقافية والدينية والإعلامية للرد على الشبهات بل وتفنيد أطروحات القائمين على برامج التشيع الديني والسياسي ومن ثم فضح حقيقة السياسات الإيراني.

وهنا اسمح لي أن أؤكد أن الوعي بأهمية هذا الدور لا زال غائبا عن المؤسسات والهيئات المعنية فإذا نظرنا مثلا لخارطة القنوات التلفزيوينة العربية التي تواجه المشروع الإيراني سنجد أنه لا تتجاوز قناتين أو ثلاثة يعانون أشد المعاناة من فقدان القدرات المالية.

– في رأيك كيف ترى محادثات فيينا اليوم وما توقعاتك لنتائج المفاوضات وهل هي تعطيل زمني لطموحات طهران العسكرية أم تستطيع واشنطن القضاء على البرنامج النووي؟

ج-  يحلو لي أن أؤكد أولا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي التي أوقعتنا جميعا في هذا المأزق فانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع في 2015 لم يكن خطوة جيدة بالمرة فهو لم يكن إضعافا أو حدا من الطموح الإيراني كما كان يظن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أو كما كان يروج لذلك إذ نجحت إيران في استغلال حالة الخلاف الأمريكي الأوروبي حول الانسحاب والإبقاء على الاتفاق فضلا عن حالة التباين الدولي خاصة بين أمريكا وأوروبا من ناحية والصين وروسيا من ناحية أخرى استغلالا جيدا ما منح إيران مساحة استفادت منها استفادة كبيرة سواء على المستوى السياسي بإظهار أمريكا باعتبارها طرف لا يوثق به بعد تنصلها من الاتفاقيات دون مبررات قوية أو على المستوى النووي بعد أن أعلنت طهران عن خطوات عدة لتخفيض التزامها ببنود اتفاق 2015.

نتيجة لما سبق فقد كان لزاما على الأطراف المعنية – خاصة الدول المشاركة في اتفاقية العمل المشتركة الشاملة – أن تدخل في عملية تفاوضية جديدة مع إيران من أجل إعادة الالتزام بهذه الاتفاقية لضمان وقف البرنامج النووي الإيراني عند مستوى معين لا يمكنها من امتلاك السلاح النووي وفي الوقت ذاته لا تصل حدة الصراع بين الطرفين “أمريكا وإيران” إلى حد النزاع المسلح الذي سيشعل نارا ليس من المستعبد أن تطال الجميع.

4- الأزمة في اليمن في عامها الثامن ما هي مقومات التصدي للحوثيين والقضاء عليهم وإعادة الشرعية مرة أخرى؟

ج- لابد أن نعترف أنه وبعد مرور نحو ثماني سنوات بالفعل على تفاقم الأزمة اليمنية وسيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وطرد الحكومة الشرعية منها فضلا عن مجمل التطورات الحادثة على الصعيد اليمني بأن ثمة أخطاء جسيمة وقعت فيها الأطراف التي تحملت عبء مواجهة المشروع الحوثي المدعوم من إيران في اليمن وهي الأخطاء التي يبرز منها حالة التباين في المواقف والتحركات بين هذه الأطراف والتي شكلت ثغرة خطيرة مكنت الحوثيين من إضعاف المواجهة فيما مثل التواطؤ الدولي الخبيث مع الحوثيين قبلة حياة لهم خاصة خلال التدخل الأممي لتوقيع ما عرف باتفاق استكهولم عام 2018 والذي أنقذ الحوثيين من هزيمة وشيكة.

يدفعنا ذلك إلى التأكيد على أن مواجهة الحوثيين والتي هي جزء من مواجهة المشروع الإيراني بجملته في المنطقة تستلزم توحيد المواقف والتحركات وحشد كل المناوئين لهؤلاء المتمردين في جبهة واحد مع تجاوز الخلافات السياسية البينية مع الوعي الكامل بضرورة أن لا يكون الصراع في اليمن ورقة بيد بعض الأطراف الدولية التي تستخدمه كأحد أدوات استنزاف “حلب” مقدرات الدول الخليجية.

لهذا ففي اعتقادي أن ما ترعاه المملكة العربية السعودية الآن من حوار يمني يمني هو خطوة مهمة تحاول كسر ورقة التدخلات الأجنبية وطرح أجندة يمنية عربية لتسوية هذا النزاع رغم أن أغلب التوقعات تشير إلى صعويتها وربما فشلها لكنها في النهاية محاولة للبحث عن آليات تحرك الماء الراكد.

5- إيران تشارك روسيا الوجود العسكري في سوريا وتسيطر على قرى ومدن وتواصل التغيير الديموغرافي كما فعلت في العراق فهل بات عدوان إيران من المسلمات وما هي السيناريوهات التي تنتظر السوريين في المستقبل؟

ج- لاشك على الإطلاق في أن إيران رسخت وبقوة شديدة أقدامها في سوريا طيلة العشر سنوات الماضية من خلال العديد من الخطط والسياسات الممنهجة على مختلف المستويات إلى حد أن أمر استبعاد إيران من المعادلة السياسة والأمنية بل والاقتصادية في سوريا بات أمرا صعبا للغاية يحتاج إلى جهد شاق وزمن طويل ومن ثم فليس من المرجح أن تغيب إيران عن المشهد السوري خلال المدى القريب على أقل تقدير الأمر الذي يدفع الأطراف المناوئة للمشروع الإيراني إلى تفعيل دورهم في الملف السوري وإعادة سوريا للحضن العربي وطرح معالجة واقعية لتطورات الأوضاع هناك.

6- أزمة الوقود في لبنان وسوريا واليمن الفاعل الأساسي فيها هي طهران أم أسباب أخرى وكيف تستفيد إيران من وقود الدول الثلاثاء؟

ج –  بكل وضوح إيران هي المتسبب الأساسي في كل المشكلات التي تعاني منها البلدان الثلاث وليس أزمة الوقود فحسب ففي لبنان أصبح حزب الله دولة داخل الدولة فلم يعد يمكن للدولة اللبنانية أن تتخذ قرارا مصيرا سياسيا أو اقتصاديا إلا بالعودة لحزب الله الذي بدوره لا يمكن اتخاذ قرار دون العودة لطهران ومن ثم فإن حزب الله التابع لإيران هو المتسبب الرئيس في كل ما تشهده لبنان من مشكلات سياسية كانت أو اقتصادية أو حتى أمنية.
والأمر لا يختلف كثيرا في سوريا فلم يعد خافيا أيضا حجم الدور الإيراني والميليشيات التابعة لها التي باتت تتحكم في كل شيئ وتحرك كل الأمور في اتجاه مصالحها وترسيخ أقدامها من أجل المزيد من السيطرة على الأوضاع.
كما استطاع الحوثيون أن يكونوا الرقم الأصعب في المعادلة اليمنية بعد سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014 وتهديدهم لدول الخليج “السعودية – الإمارات” من خلال الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع فضلا عن انتهاكاتهم الحقوقية والانسانية التي لا حصر لها.

7- سيطرة إيران على حدود سوريا والعراق ولبنان والتجارة غير الشرعية عبر المعابر كيف ترى الأمر؟

ج-  هذه السيطرة هي لب المشروع الإيراني فعين النظام الإيراني ومنذ ثورة 79 لم تغمض عن تحقيق هدف التمدد واستعادة نفوذ الإمبراطورية الفارسية ولهذا فلم نتردد من التأكيد مرارا أن هذا النفوذ في هذه الدول وغيرها خط أحمر بالنسبة لإيران فبإمكانها وقد حدث ولا زال يحدث أن تتفاوض حول البرنامج النووي لكنها لا يمكن على الإطلاق أن تتفاوض حول ما يسمى بالدور الإقليمي أو تحركاتها في دول المنطقة إذ استجابة إيران لمطالب بعض الدول والقوى بالتوقف عن التدخلات في شئون الغير أو الحد من دورها في هذه الدول يعني انهيار المشروع الإيراني برمته داخليا وخارجيا.

وقد أثبتت سياسات إيران جدواها فهذه السيطرة الإيرانية على حدود بعض البلدان كانت الحديقة بل الحدائق الخلفية التي نجحت إيران في استغلالها لكسر حدة العقوبات الأمريكية والدولية التي تفرض عليها من أوائل الثمانينات الأمر الذي منح النظام الخميني الاستمرار على البقاء وتقديم مبررات للاستبداد أمام الجماهير فالبلاد في معركة دائمة ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

فيسبوك
تويتر
واتسآب
إيميل
طباعة

أقرأ ايضاً