نُشر مقال في”فورين بوليسي” تحت عنوان «لماذا يعدّ تشبيه سياسة بوتين بـ “لعبة الشطرنج” خاطئاً» ويذهب كاتبه دانيال ب. باير إلى أنه “ليس أمام بوتين سوى خيار اللجوء للحرب، ويتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن يستمروا في توخي الحذر والوقوف بحزم على عواقب أفعاله”.
من جانبه، قال الكاتب والمفكر حسن إسميك، إنه لا يتفق إطلاقاً مع السيد باير في رأيه هذا. ولا يتفق أيضا مع من يرون أن بوتين وضع نفسه في مأزق وحصر نفسه في الزاوية، أي: إما أن يغزو أوكرانيا فيقع تحت مقصلة العقوبات ويضاعف من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها روسيا اليوم، وإما أنه سيخسر شخصية القيصر الذي لا يتراجع في قراراته.
وأشار إسميك، إلى أن الاحتمال الأول مستبعد، لأن روسيا لن تعمد إلى حرب غير مضمونة النتائج؛ وطالما أنها تستطيع أن تحقق بالابتزاز جملة من أهدافها، خاصة وأن خيار الحرب لا يحمل خسائر لروسيا، فأمريكا من جانبها لا تريد الحرب مع روسيا أيضاً، فهي بداية غير ملزمة باتفاقية مع أوكرانيا للدفاع عنها، بالإضافة إلى أن الغرب يدرك أن الحرب مع روسيا “مقامرة هائلة”، إذ تمتلك الأخيرة كامل القدرة على التوسع في أوروبا الشرقية، وبالتالي زعزعة الاستقرار في المنطقة الأوروبية بكاملها، ما قد يعرّض العالم للدخول في حرب عالمية ثالثة في الجزء الشرقي الذي انطلقت منه الحربان العالميتان الأولى والثانية.
تابع: وفي الوقت ذاته؛ أرى أن الاحتمال الثاني مستبعد أيضا، لأن بوتين حريص ألا يعرّض شخصه لمثل هذه الهزة القوية التي ستنتج عن تخليه أو تراجعه عن قرارات حازمة وحاسمة فهو يرى نفسه حراً وليس في عنق الزجاجة! إذن، إن لم يكن أحد هذين الاحتمالين قائماً، فما هو بالتالي السيناريو المتوقع للأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة؟ وكيف يمكن أن يكون الحل؟ مشيرا إلى أن روسيا تدرك حجم الأعباء الاقتصادية الناتجة عن التصعيد الذي تنتهجه، وحجم التكاليف الباهظة التي يفرضها الحشد العسكري الذي تقوم به.
وأكد إسميك، أنه في ميزان الربح والخسارة قد تكون تكلفة روسيا أقل بكثير في مقابل التهديدات المتوقعة على الأمن الأوروبي الشرقي، وكلما طالت فترة الأزمة تكبدت أوروبا وأمريكا أعباء أكبر، بعضها اقتصادي من ناحية نقل الجنود والمعدات العسكرية إلى أوكرانيا، وبعضها إنساني نتيجة حالة الهلع والقلق والضغط النفسي التي يعيشها الأوروبيون عموماً، والشعب الأوكراني على وجه التحديد، في ظلّ استمرار وسائل الإعلام ببث الأخبار عن أن الحرب باتت وشيكة، هذه الأخبار التي تجعل الاقتصاد الأوكراني موشكاً على الانهيار، والرئيس الأوكراني زيلينسكي مدرك تماماً لمخاطر هذا التفاقم للأزمة، أو مجرد استمرارها.
وألمح إسميك، إلى ورقة ضغط يمكن أن تستخدمها روسيا على أوروبا بواسطة الغاز، فخط “ستريم 2” يمكن أن يلعب الدور الأكبر في معاقبة أوروبا إذا قررت روسيا توقيفه، لأن أوروبا حينها ستذوق طعم البرد الذي لا يمكن مواجهته.
في الوقت ذاته يستفيد بوتين بشكل كبير في تعاطيه مع هذه الأزمة من ضعف بايدن وارتباكه في إدارتها، فالاتفاقية التي وقعها الأخير مع أمير قطر لتزويد أوروبا بالغاز، فيما إذا أوقفت روسيا صادراتها، لا تفي بسد الحاجة أولاً، كما يحتاج الغاز للكثير من الوقت ليصل إلى أوروبا عبر الناقلات.