مدير التحرير

وفاء رمضان
Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

مدير التحرير

وفاء رمضان

بقلم نضال أبوزكي، مدير عام "مجموعة أورينت بلانيت"

هل تشكل “كورونا” بدايةً لركودٍ اقتصادي عالمي جديد؟

 

يتهدّد الاقتصاد العالمي في العام 2020 العديد من المخاطر والتحديات، يأتي على رأسها انتشار فيروس “كوفيد-19” المستجد، المعروف بـ “كورونا”، والذي سيتسبب، في حال لم تتم السيطرة عليه، بكوارث فعلية على كافة المستويات، لا سيّما الاقتصادية. وبالفعل، فقد شهدت أسواق الأسهم في العالم تراجعاً ملحوظاً، إذ أدى تفشي الوباء إلى تقييد حركة التجارة والسفر بين دول العالم وإغلاق الكثير من المصانع والمراكز المالية، ما وضع الاقتصاد العالمي برمته أمام تحدٍ حقيقي. ويرى الخبراء الاقتصاديون أن قدرة دول العالم على احتواء انتشار الفيروس الجديد هو الذي سيحدد حجم الخسائر الاقتصادية اللاحقة. وفي حين أن العوامل التي تضعف الاقتصاد العالمي وتتسبب في ركوده معروفة للجميع، وهي في المقام الأول الحروب التجارية- وهو ما شهدناه مؤخراً بين الولايات المتحدة والصين- وارتفاع مخاطر الائتمان العالمي، يرى مختصون أن ما سنشهده على الصعيد الاقتصادي العالمي خلال العام الجاري ما هو إلا مجرد تباطؤ قد يصل إلى مستوى 2.5% في أقصى الأحوال، وهو أمر ليس بذلك السوء.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن تحديد وقت معين لاندلاع أزمة اقتصادية عالمية عميقة وطويلة الأمد، يتوقع محللون اقتصاديون أن الاقتصاد العالمي يتّجه بلا شك إلى حالة من الركود، لا سيّما في ظل عوامل عدة من بينها حرب العملات المستترة وتراكم ديون الشركات والمشاكل المتوقع أن تواجه الاقتصاد البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، علاوة على تعميق الحروب التجارية المتوقع أن تتواصل بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تراجع حركة التجارة الدولية، وبالتالي إلى انخفاض في إجمالي الاستهلاك العالمي يرافقه أزمة ديون الأسواق الناشئة وتباطؤ الاقتصاد الصيني. وبالمقابل، ستؤدي زيادة ضخ النفط في الأسواق في ظل تراجع الطلب بلا شك إلى حدوث ركود في اقتصاديات العديد من دول العالم التي تعتمد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.

ولعلّ الخطر الحالي الأكبر الذي يتهدد الاقتصادات العالمية يتمثل حالياً في تفشي فيروس “كورونا” المستجد، والذي من المتوقع أن يكون له تأثير كبير على نمو الاقتصاد العالمي، أقلّه خلال النصف الأول من العام الجاري، حيث من الصعب أن ينمو الاقتصاد بنفس المعدلات السابقة جراء الانتشار الواسع والسريع للوباء، الذي نتج عنه تأثر قطاعات بأكملها مثل الطاقة والسياحة والتجارة والتصدير والنقل والتصنيع. وتفيد الإحصائيات الأولية إلى أنّ تفشي الوباء نجمت عنه خسائر اقتصادية عالمية أولية تقدر حتى الآن بـ 50 مليار دولار أمريكي، في حين تشير تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” إلى أن الاقتصاد العالمي عرضة لتسجيل خسائر تتجاوز 2 تريليون دولار نتيجة فيروس “كورونا”.  ويبدو أن اقتصادات منطقة اليورو والولايات المتحدة تسير بنفس الاتجاه الذي سلكه الاقتصاد الصيني، والذي تضرر بشكل أكبر مما كان متوقعاً نتيجة تفشي الفيروس، حيث إن القيود المفروضة على التواصل بين الناس تؤدي إلى تدهور الطلب في مختلف القطاعات، وهو ما سيلحق مزيداً من الضرر بالنمو الاقتصادي في الربع الثاني، قبل أن يعود للتعافي في وقت لاحق من العام الحالي.

وفي ظل تسارع وتيرة الانتشار العالمي لفيروس “كورونا”، توقعت وكالة “ستاندرد آند بورز جلوبال” أن يشهد العالم ركوداً اقتصادياً خلال العام 2020، مع تراجع معدلات النمو الاقتصادي بشكل حاد بسبب تقلبات الأسواق وزيادة الضغط على مستويات الائتمان. وإن كان الركود الاقتصادي العالمي متوقعاً من قبل العديد من الاقتصاديين على مستوى العالم للأسباب سابقة الذكر، فإن انتشار وباء كورونا سيسرع من احتمالية حدوث هذا الركود، مع تأثر المزيد من الدول بتداعيات الفيروس وارتفاع حالات الإصابة به عالمياً، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على العرض والطلب الاستهلاكي في قطاعات حيوية، وفي مقدمتها السفر والسياحة والضيافة والصناعة والبيع بالتجزئة ليمتد بكل تأكيد إلى قطاعات أخرى.

ويمكن القول بأنّ العوامل الأخرى المؤثرة، والتي تشكّل خطراً على الاقتصاد العالمي وتساهم في حدوث ركود اقتصادي كبير، تتمثل في العوامل البيئية في ظل فشل الحكومات والمؤسسات العالمية في التخفيف من حدة تأثير التغير المناخي، والأضرار والكوارث البيئية الناجمة عن النشاط البشري، بما في ذلك التسرب النفطي والتلوث الإشعاعي، علاوة على الكوارث الطبيعية المدمرة مثل الزلازل والبراكين.

ويتفق الجميع اليوم على أنّ انتشار فيروس “كورونا” تسبّب حتى الآن بتكاليف اقتصادية باهظة في العديد من المناطق حول العالم، مثل الصين وأوروبا والولايات المتحدة. لذا فإنّ شدة الركود الاقتصادي المتوقع ستعتمد بشكل كبير على درجة انتشار الوباء الجديد ومدى فعالية السياسات التنظيمية والنقدية والمالية في التصدي له، ما يضعنا أمام خيارات صعبة تستلزم تضافر الجهود الإقليمية والدولية لتخطي العقبات والوصول معاً إلى بر الأمان.

 

فيسبوك
تويتر
واتسآب
إيميل
طباعة

أقرأ ايضاً