لقد امتلأت صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون والمواقع الفتره الأخيرة بالضجيج حول المستقبل المظلم الذى ينتظر العالم خلال المرحلة المقبلة أنه الحصاد المر الذى سوف يجنيه العالم نتيجة الكوارث المتلاحقة بدءاً من الفساد المالى فى الأزمة المالية العالمية فى 2008 وانتهاءا بكورونا التى وضعت الإقتصاد العالمى على المحك الأن .
تداول خلال الفتره الأخيرة على مساحة واسعه مصطلح الركود التضخمى وأصبح المصطلح كأداة متفائلة نوعا ما بدلًا من استخدام المصطلح الأكثر تشاؤما وهو الكساد فمنذ الكساد الكبير فى الثلاثينات، مر العالم بالكثير من مرات الركود والتضخم ربما كان أكثرها شهرة وضراوة هو ما حدث ابان فترة السبعينات حيث ارتفعت اسعار الطاقة بشكل كبير جدا فى منتصف السبعينات حيث سجلت معدلات التضخم ما بين 7% و10% خلال هذه الفترة حتى بداية الثمانينات حيث ارتفع التضخم إلى مستوى 14% وهو ما انهى حكم الرئيس كارتر وخسارته الانتخابات امام الرئيس ريجان .
وهناك العديد من المؤشرات الإقتصادية التى ترشدنا الى أين يتجة الاقتصاد العالمى مثل النمو السلبى للاقتصاد والتراجع فى النشاط الاقتصادى مثل تراجع الناتج المحلي الاجمالي للدول وتراجع الانتاج الصناعى ومعدلات التوظيف ومبيعات التجزئة وأرقام الدخل وغيرها من المؤشرات التى توضح ماهى طبيعة العلاقة الحالية ما بين العرض والطلب وهل هى فى حالة توازن ام ان هناك اختلال بينهما وهل العلاقة بينهما تشير الى زيادة العرض عن الطلب وهو ما يعرف بالركود ام ان العلاقة بينهما فى صالح الطلب وهو ما يعرف اقتصاديا بالتضخم ولكن مع الأسف ما نعيشه اليوم هو توافر العاملين معاً.
الكوارث مختلفة ولكن النتيجة واحدة
خلال الـ 50عام المنقضية مر الاقتصاد العالمى بثلاث كوارث كبرى الأولى كانت فى السبعينات ثم الازمة المالية العاليمة 2008 وأخيرا كورونا ولعل العامل المشترك بينهما جميعا هو التدخل البشرى .
ولكن لماذا الأن ؟
لا يخفى على أحد أن الكثير من دول العالم كانت وما زالت تعيش فى تبعات الأزمة المالية 2008 وأن الاقتصاد الأمريكى قد عانى كثيرا بسبب تلك الأزمة وما لبست وأن ضرب العالم كوفيد 19 وحالات الإغلاق التامة التى تسبب بها حتى الأن حيث بعض دول شرق أسيا مازالت تعانى فقد خلفت تلك الأزمة الكثير من الأموال فى يد الناس نتيجة سياسات التيسير النقدى التى اتبعتها الدول وزادت نسبة البطالة بشكل كبير جدا نتيجة اغلاق الكثير من المصانع والشركات التى لم تستطيع الصمود فى وجة الأزمة وحالة الضعف التى يعانى منها الدولار فى الوقت الحالى والارتفاع الكبير فى أسعار الطاقة وارتفاع تكلفة النقل إلى جانب العجز فى سلاسل الإمداد على مستوى العالم كل ذلك زاد من العجز فى المعروض السلعى على مستوى العالم وهو ما سوف يصاحبه موجة كبيرة فى ارتفاع اسعار السلع ولقد بات واضحًا للجميع ما تعانية الصين هذه الأيام الدولة المصدرة الأكبر فى العالم من عجز شديد فى الطاقة وانقطاع متكرر فى الكهرباء .
إن حالة التضخم التى يعيش العالم بداياتها الأن والتى أخبرت وزيرة الخزانه الأمريكية انها سوف تنتهى فى منتصف 2022 فى محاولة منها لتهدئة أسواق المال وكسب بعض الوقت للفيدرالى الأمريكى قبل أن يجد نفسة مضطرا لرفع أسعار الفائدة وما قد يخلفه ذلك القرار على الاقتصاد الأمريكى والعالمى وادخاله فى موجة جديدة من الركود وهو ما يحاول الفيدرالى تجنبة ولكن السؤال هنا إلى متى سيصمد الفيدرالى وسيظل يتلاعب بكلماته فى محاولة للتخفيف من حدة الأمر ؟ من وجهة نظرى الشخصية انه لن يستطيع الصمود كثيرا حيث وتيرة التغيرات باتت أسرع من ذى قبل والميديا اليوم جعلت من السهولة تتبع الأخبار وتنقلها بشكل كبير فلا أحد اليوم يستطيع اخفاء ما يحدث بالصين أو بامريكا او بروسيا أو الحرب الخفية الدائرة اليوم حول تسعير الطاقة بين الدول المنتجة والدول المستوردة.
ما أستطيع هنا قوله ولست متشائم ولست من أصحاب النظارات السوداء ولكنها قراءة للواقع الأليم الذى نعيشة اليوم أننا مقبلون على أيام عصيبة ويجب على كل صاحب شركة أو كل مسؤول أخذ الأمر فى حسبانه عند قيامه باتخاذ قرار بالاستثمار او شراء سلع استهلاكية على الجميع التحوط من المستقبل القريب فالخطر قريب جدا والتضخم قد اقترب وقته كما اقترب فصل الشتاء فما يعيشة العالم وما سوف يعيشة ما هو الا حصاد مر نتيجة الإفراط فى سياسات التيسير النقدى وزيادة المعروض النقدى وارتفاع حجم الدين بما يزيد عن 296 تريليون دولار حيث نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي 353%.