حددت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، ثلاثة عوامل من خلالها يمكن تحقيق التعافي الاقتصادي وتجاوز الآثار التي خلفتها جائحة كورونا على الأنظمة الاقتصادية العالمية، وهي الاستدامة والمرونة والدمج، والتي تعمل على تحقيق نظام اقتصادي أكثر استدامة واخضرارًا ودمجًا لكافة الأطراف، لافتة إلى أن مواجهة الاضطرابات التي تسببت فيها جائحة كورونا ما كانت لتتحقق لولا المرونة والابتكار اللتين تحلا بهما كثير من قادة ودول العالم لمواجهة هذه الصدمة المفاجئة.
جاءت تصريحات الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، خلال كلمتها بالجلسة الافتراضية تحت عنوان «التعافي الاقتصادي: نحو مستقبل أخضر ومرن للجميع»، والتي تأتي ضمن فعاليات اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تعقد خلال الفترة من 5-11 أبريل الجاري، حيث ناقشت الجلسة الجهود العالمية والعوامل الضرورية لتحقيق التعافي من جائحة كورونا، والمخاطر التي تحيط بهذا التعافي، وكيف يمكن إعادة بناء الأنظمة الاقتصادية على أسس الاستدامة والصمود والابتكار والمرونة.
وأكدت «المشاط»، على أهمية الابتكار الذي أصبح عاملا رئيسيًا للتعامل مع الأوضاع غير الاعتيادية التي يمر بها العالم، كما أنه يمثل جانبًا مهمًا من المرونة التي يجب أن تتمتع بها الدول، مشيرة إلى أن مصر تضع خطط التحول الرقمي في صدارة استراتيجيات التنمية على مستوى جميع القطاعات، ومن بينها التعليم، حيث عملت وزارة التعاون الدولي، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والبنك الدولي، على برنامج إصلاح شامل للتعليم (برنامج تطوير التعليم) في محاولة لنشر التكنولوجيا في المراحل التعليمية وبناء جيل صاعد مرن تقنيًا يضيف قيمة للمستقبل الرقمي.
وذكرت أن التحول الرقمي يلعب دورًا فعالًا في الخطط التنموية لكل الحكومات، لذلك من الضروري تعزيز الشراكات بين الأطراف ذات الصلة من القطاعين الحكومي والخاص وشركاء التنمية لتعزيز جهود التحول الرقمي؛ قائلة “قبل الوباء، كان النقاش يدور حول ما إذا كان بإمكان التكنولوجيا أن تغير مستقبل الوظائف ولكن اليوم نرى أن التكنولوجيا يمكنها أن تحفز الاقتصاد وتدعم النمو من خلال الابتكار وتمكين ريادة الأعمال”.
ولفتت وزيرة التعاون الدولي، إلى أنه في أوقات الأزمات العالمية يجب أن تتكاتف الأطراف ذات الصلة لتعزيز العمل المشترك حتى لا يترك أحد خلف الركب، مشيرة إلى أن وزارة التعاون الدولي تسعى خلال عام 2021 لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في خطط التنمية من خلال أدوات التمويل الأخضر. وتابعت: “المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة هي الآن القواعد التي يجب على جميع الحكومات والشركات اتباعها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر”.
وشاركت وزيرة التعاون الدولي بهذه الجلسة، إلى جانب ديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي، وكريستالينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، وجانت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، وكريم العيناوي، رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، وسويتينيا بوسبا ليستاري، المؤسسة المشاركة والمديرة التنفيذية لجمعية Divers Clean Action، وسولا ديفيد، الرئيس التنفيذي لمناطق أفريقيا بمجموعة ستاندارد بنك، وآجايتاه شاه، مؤسسة Frontier Markets، وليندسي كوتس، مدير عام مبادرة التدرج من الفقر المدقع (منظمة براك)، وغونزالو هيرناندير ليكونا، مدير شبكة النظراء المعنية بمعالجة الفقر متعدد الأبعاء، وفونغسي فيسوث، وزير خارجية كمبوديا الدائم، وميليندا غيتس، الرئيس المشاركة لمؤسسة بيل وميليندا جيتس، بالإضافة إلى المؤلفة والملحنة سومي كاكوما؛ وأدار الجلسة لاري مادوو، مراسل هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.
من ناحيتها قالت جانت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، إن الدول المتقدمة تقع على عاتقها مسئولية كبيرة للتأكد من أن الجهود التي بذلت على مدار العقود الماضية لمكافحة الفقر لم تذهب هدرًا بسبب الوباء. وقالت ميليندا جيتس، الرئيس المشاركة لمؤسسة بيل وميليندا جيتس، إنه على الدول أن تضع النساء والفتيات في مقدمة الاستراتيجيات الهادفة للبناء إذا ما ارادت هذه الدول أن تضع أسسًا متينة للمستقبل.
من جانبها قالت كريستالينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، إن مخاطر تغير المناخ تشكل تهديدًا متزايدًا للاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، لذلك فإن مراعاة المعايير البيئية والعمل المناخي يفتحان آفاقًا كبيرة للنمو الأخضر وخلق فرص العمل والوظائف .
وقالت اجيتا شاه، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فرونتير ماركتس، أنه “عند التفكير في قوة البيانات، تعد التكنولوجيا أداة تسد فجوة المعرفة بطريقة جديدة. فهي تساعدنا على الاستعداد والاستجابة للأزمات بشكل أفضل بالإضافة إلى تعزيز الابتكار”.
يشار إلى أنه في عام 2020، طرحت مصر سندات خضراء بقيمة ٧٥٠ مليون دولار. في أول طرح سيادي من نوعه في المنطقة، وقد تجاوز الطلب على الإصدار خمسة أضعاف المبلغ المطلوب، جاذبًا ما قيمته ٣,٧ مليار دولار من طلبات الشراء، مما يشير إلى تزايد الإقبال على الأوراق المالية الصديقة للمناخ في جميع أنحاء العالم.
ومن خلال الجهود التي تقوم بها وزارة التعاون الدولي من خلال الدبلوماسية الاقتصادية، استطاعت أن تتفق على تمويلات تنموية بقيمة 9.8 مليار دولار من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، لقطاعات الدولة المختلفة والقطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بالرغم من الفجوة المالية التي تسبب بها الوباء.
جدير بالذكر أن محفظة التعاون الجارية بين وزارة التعاون الدولي ومجموعة البنك الدولي تسجل نحو 5.39 مليار دولار، بما في ذلك النقل والتعليم وشبكات الحماية الاجتماعية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.