اكتشف أهم اتجاهات إنترنت الأشياء التي سنشهدها عام 2021. القاسم المشترك بين جميع التوقعات الخاصة بإنترنت الأشياء, التي تتراوح من الرعاية الصحية الرقمية والتعلم عن بعد وصولاً إلى التصنيع المتصل والتنقل الدقيق مروراً بالاستدامة، هو التبني العام المتسارع للتقنيات اللاسلكية.
أدت الظروف الاستثنائية التي شهدناها عام 2020، إلى تغيير عالمنا على نحو جذري، الأمر الذي يحفزني لبداية العام الجديد المليء بالتجارب المميزة. وبينما كان التركيز عام 2020 منصباً على الطريقة الأمثل للتخفيف من الآثار السلبية لجائحة كوفيد -19 وإدارتها، سيشهد العام 2021 توجهاً استثنائياً للتعايش مع “الوضع الطبيعي الجديد”. أدى انتشار الوباء إلى تغيير الروتين اليومي لكثير من الناس، مع تسريع التوجه لتبني التقنيات الجديدة، حيث استطعنا إنجاز أعمالنا عن بعد، وتلقي الدروس من المنزل، والالتزام بالحفاظ على مسافة اجتماعية آمنة. ومن المؤكد أن هذه الاتجاهات ستستمر خلال عام 2021، مع التأثير بشكل ملحوظ على عالم إنترنت الأشياء (IoT).
ساهمت تقنية إنترنت الأشياء وخدمات الاتصال في التقريب بين الناس، رغم الالتزام بسياسات التباعد الاجتماعي. ودفع انتشار الوباء، إلى توسع النهج المؤسسي في تبني إنترنت الأشياء على نحو أسرع مما كانوا يتوقعونه، حيث ظهرت الحاجة لاعتماد خدمات اتصال لاسلكية آمنة للاستفادة من القيمة الكاملة لإنترنت الأشياء على النحو الأوسع.
وإليكم فيما يلي توقعاتي الخاصة بواقع تقنية إنترنت الأشياء لعام 2021:
1- يزداد التوجه عالمياً لاعتماد خدمات الرعاية الصحية الرقمية، حيث يصبح الوصول إلى المواقع المؤقتة لإجراء الاختبارات وتلقي اللقاحات أسهل – مع التمهيد لمعيار جديد في مجال خدمات الرعاية الصحية
2- يوفر التدريس والتعلم عن بعد مجموعة من الخبرات الرقمية الجديدة، بالإضافة إلى زيادة الموارد المشتركة – ولكنهما يساعدان أيضاً في إضفاء الطابع الديمقراطي للوصول إلى المعرفة
3- بات المصنعون والخدمات اللوجستية أكثر ذكاءً، وتوفر التوائم الرقمية أداء محسناً مع خفض النفقات – مع تزايد التبني لتقنية إنترنت الأشياء وتطبيقها على نطاق أوسع
4- تعمل حلول النقل الدقيقة على تغيير نمط المواصلات في المدن
5- قد يكون الوباء قد طغى على الاستدامة، لكنه بات التحدي الأكبر الذي يتعين علينا مواجهته بشكل مشترك – الاعتياد على المعيار الجديد لتحقيق المزيد من الإبتكارات والارتقاء بمستوى الأعمال
طفرة استثنائية في مجال الرعاية الصحية الرقمية على مستوى الخدمات المقدمة للمرضى ومزودي الرعاية
أتاحت شبكات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء، إمكانية إجراء العمليات الجراحية عن بُعد أو باستخدام الروبوت. وفي الإطار ذاته، أظهرت جائحة كوفيد -19 أهمية وضرورة الحد من التواصل بين الأطباء والمرضى.
وقد انتقلت هذه التقنيات مؤخراً من النظرية إلى الواقع. ففي أكتوبر 2020، نجح الأطباء في فصل توأمان ملتصقين يبلغان من العمر تسعة أشهر في مستشفى الأطفال بجامعة كاليفورنيا في ديفيس. وكانت الفتاتين ملتصقتان عند الرأس، ما تسبب في خلق تحد كبير للجراحين نظراً لتشابك الأوعية الدموية المعقدة في الرأس، الأمر الذي دفع الأطباء لاستخدام نظارات الواقع المختلط “Magic Leap “ للتخطيط قبل إجراء العملية- للحد من المخاطر و زيادة فرص نجاح العملية الجراحية.
ولا تقتصر منافع إنترنت الأشياء في مجال الرعاية الصحية على العمليات الجراحية، حيث يمكن اعتماد هذه التقنية لتعزيز مراقبة الأوضاع الصحية، باستخدام الأجهزة القابلة للارتداء لتتبع درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب للرعاية الصحية من راحة المنزل، وتقليل الحاجة لزيارة الطبيب، وخفض النفقات. وستتمكن إدارات المستشفيات في منطقة معينة بمساعدة المستشعرات المتصلة، من تتبع الأصول واستكشاف البيانات مثل تحديد عدد أسرة المستشفيات وأجهزة التنفس وآلات إنقاذ الأرواح وتقليل الوقت المستغرق لتحديد موقع المعدات. ومن المتوقع أن توفر الفحوصات الافتراضية، عبر مزايا تقنية الجيل الخامس، والاتصال المتسق عالي السرعة للفيديو فائق الدقة، جودة استثنائية على نطاق واسع.
كما ستكون مواقع المختبرات وتلقي لقاحات كوفيد-19 المؤقتة، نقطة محورية لعام 2021. وسيوفر تقديم حلول الاستجابة السريعة مع اتصال لاسلكي آمن للأطباء والجسم الطبي، القدرة للتركيز على العناية بالمرضى وتقديم الخدمات والمنتجات في مواقع جديدة وغير متوقعة.
تعليم افتراضي يوفر مجموعة واسعة من الفرص والإمكانات
يعد التعليم أحد أكثر القطاعات تضرراً من جائحة كوفيد-19، ذلك أن تجربة التعليم ذات طابع شخصي، وبالتالي لا يمكن نقل جميع المعلومات اللازمة حتى باستخدام أفضل التقنيات عن بُعد. من المعلوم أن الجانب الاجتماعي للتعليم لا يمكن تجسيده بشكل كامل عبر الشاشة، لكن المعلمين استطاعوا إثبات ذكائهم وقدراتهم الإبداعية، حيث اعتمد المعلمون أدوات جديدة في البداية بدافع الضرورة والحاجة إلى إشراك الطلاب عن بُعد، ويمكن لهذه الاتجاهات أن تستمر في ريادة السوق حتى مع تلاشي الوباء. يمكن لتقنيات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء تمكين تجارب جديدة، مثل الرحلات الميدانية الافتراضية، ورغم أن الجولة الافتراضية للمتحف ليست مماثلة للزيارة الشخصية، ولكنها قد تكون ذات تأثير حقيقي، وتبقى أفضل من التعرف على المتحف عبر قراءة كتاب يفصل محتوياته والمقتنيات المعروضة فيه.
يمكن أن يساهم إنترنت الأشياء في سد الفجوة الرقمية عبر المشاركة الفعالة للموارد والمعلمين. في المناطق الريفية، يمكن للطلاب التعلم عبر منظور التفاضل والتكامل مع مدرس في مدرسة أخرى. تسهل تطبيقات إنترنت الأشياء الممتازة على المدرسين “زيارة” الفصل الدراسي والتفاعل مع الطلاب، ومن المتوقع أن نشهد توجهاً أكبر لاتباع طرق التدريس والتعلم الرقمية والافتراضية.
سلاسل توريد وتصنيع أكثر ذكاءً
سيتم تسريع عملية إعادة التفكير في التصنيع والعمليات وسلاسل التوريد وتحديثها على نحو أكبر خلال عام 2021. وقد أدت الحاجة للتصنيع والإنتاج محلياً إلى دفع التقدم على مستوى كفاءة الخدمات اللوجستية. وقد أدى انتشار الوباء إلى زيادة استخدام الأجهزة الذكية في بيئات التصنيع، ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه في النمو، حتى بعد السيطرة على الفيروس وتوفير اللقاحات وتوزيعها، لاسيما وأن الشركات باتت على ثقة تامة من أن دمج تطبيقات إنترنت الأشياء في المصانع، يحقق مجموعة من المنافع التجارية والاقتصادية على نحو فائق السرعة. على سبيل المثال، يمكن أن تحل الكاميرات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء على خط الإنتاج محل المفتشين، ما يؤدي إلى توجيه الموظفين للقيام بمهام أخرى. كما يمكن للزاحف الآلي مراقبة أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء بطريقة مستحيلة بالنسبة للإنسان.
سيكون عام 2021 عام التوائم الرقمية والجيل الخامس، وتتمثل التوأمة في جمع البيانات حول عملية ما أو آلة معينة لإنشاء نموذج تنبؤي، وهو عبارة عن “توأم” رقمي ذات كفاءة استثنائية، يعزز القدرة على تتبع أفضل لحالات التآكل والتلف واحتياجات الصيانة التشغيلية، وبالتالي تخفيض النفقات.
وتوفر التوائم الرقمية وتقنيات الأشعة فوق البنفسجية، مجموعة من الفرص والإمكانات المتكاملة، لشركة Taylor Construction في أستراليا. وتزود تقنية الجيل الخامس عمال البناء والمهندسون المعماريون وفرق الإنتاج، بخدمات اتصال آمن وعالي السرعة، مع زمن انتقال منخفض، لتمكينهم من تصور المباني بتصاميم ثلاثية الأبعاد، وإجراء عمليات المسح للتأكد من السلامة بزاوية 360 درجة، مع تركيب أجهزة الاستشعار الذكية على الهياكل، ووضع مخططات التصميم الرقمي مباشرة في الموقع.
عملية تتبع النقل الدقيق تغير طرق المواصلات داخل المدن
مع تزايد عدد الناس الذين يعملون من المنزل، شهدت حركة المواصلات تراجعاً ملحوظاً، حيث باتت تقتصر على التنقل في البيئة المحلية والمجاورة. كما أدى تغير أنماط استخدام السيارات والمواصلات العامة، إلى جعل وسائل النقل الأخرى، بما في ذلك ال السْكُوْتَرات الكهربائية أو الدراجات الكهربائية، أكثر انتشاراً. وتشهد شرائح من المجتمعات حول العالم، اعتماد برامج الاستخدام المشترك للسكوتر الإلكترونية في أكثر من 100 مدينة، عبر 20 دولة على الأقل، بدءاً من تشيلي إلى كوريا الجنوبية وصولاً إلى نيوزيلندا، حيث تحتاج جميعها أن تكون متصلة. وتعتبر تقنية إنترنت الأشياء العنصر الأساسي لربط هذه السكوترات وتنسيق برامج عملها، إضافة إلى توفير قدرات الاتصال لشركات التنقل الصغيرة لتوفير هذه الخدمات.
تعزيز الاستدامة عام 2021
طغت جائحة كوفيد-19 عام 2020 على قضايا الاستدامة، الأمر الذي سيعتبر خلال عام 2021، شرط أساسي لضمان استمرارية مستقبلنا. وتلعب التقنيات الرقمية دوراً محورياً في تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 30٪ بحلول عام 2030، كما هو موضح في أحدث تقرير لخارطة الطريق الأسية. وتلعب إريكسون كشركة رائدة في مجال التكنولوجيا، دور حيوي في تحقيق سابقة عالمية، عبر تخفيض انبعاثاتها بنسبة 50٪. وتتيح التقنيات الرقمية وإنترنت الأشياء تسهيل الوصول إلى المصادر الأساسية لاستمرارية الحياة البشرية مثل المياه النظيفة والغذاء.
وفقًا للأمم المتحدة، يفتقر 3 من كل 10 أشخاص للحصول على مياه الشرب الآمنة، وفي هذا الإطار، يمكن أن تضمن مراقبة البيانات في الوقت الفعلي واعتماد الأنظمة الذكية جودة المياه. وتعتبر شركة Wayout، إحدى الشركات الرائدة التي تلبي الحاجة للحصول على المياه النظيفة، حيث أتاحت Wayout للمصانع الصغيرة القدرة على إنتاج مياه نظيفة ومفلترة محلياً بأقل بصمة بيئية. وتقدم المصانع الصغيرة العاملة بالطاقة الشمسية، نظاماً متقدماً لتنقية المياه. وتعتبر الزراعة الذكية مثال آخر على كيفية تحسين كفاءة مواردنا لإنتاج الغذاء، حيث أطلقت Stanley Black & Decker نظاماً ذكياً للري مخصصاً للمزارعين في الهند، وسيتمكن المزارعون عبر الري الذكي والمتصل، إدارة موارد المياه الجوفية بشكل أفضل والاستفادة من المواسم المتعددة لإنتاج ما يصل إلى 3 محاصيل سنوياً، وبالتالي زيادة العائدات والإيرادات.
رؤية تستشرف المستقبل يإيجابية
من المؤكد أننا وبينما نواصل مسيرة التحول الرقمي على نطاق أوسع، وبسرعة متزايدة، سنواجه قدر هائل من التحديات، وقد أدى اعتماد المزيد من الأجهزة المتطورة في الأعمال التجارية، إلى تزايد أهمية التوحيد والاتصال.
وسنتمكن عند النجاح في مواجهة هذه التحديات، من تحقيق قفزة كبيرة إلى الأمام في مجال إنترنت الأشياء عام 2021، مع ارتكاز أعمالنا بالدرجة الأولى على تقنية الجيل الخامس كمنصة للابتكار والاستدامة. أدى انتشار جائحة كوفيد -19 إلى تسريع اعتماد هذه التقنيات بدافع الضرورة، إلا أننا سنستمر في الاعتماد عليها مستقبلاً، حيث سيكون الاتصال أكثر أهمية لتعزيز حياتنا وتحسين طرق العمل والتعلم. وستكون التكنولوجيا الأكثر ذكاءً مثالية لتوفير مجموعة هائلة من فرص وإمكانات الأعمال