شارك الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء لتقديم حلول أزمة الدين العالمية، في عدد من الفعاليات المقامة على هامش قمتي مجموعة العشرين (G20) ومجموعة الأعمال (B20) بجوهناسبرج بجنوب أفريقيا.
ففي جلسة بعنوان “النهوض بالمعايير العالمية وإطلاق الفرص لأفريقيا” نظمها مجلس معايير الاستدامة الدولي، ووحدة الأعمال في جنوب إفريقيا، إلى جانب أمانة مجموعة الأعمال العشرين، وأليكس فوربس، بالإضافة إلى لجنة الشركات والملكية الفكري، أوضح محيي الدين أهمية توظيف معايير الإفصاح العالمية عن الاستدامة كأداة استراتيجية لخفض تكلفة رأس المال، وتعزيز القدرة التنافسية للقارة الأفريقية في الأسواق العالمية.
وأكد محيي الدين أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات النمو غير المتكافئ وفجوات التمويل الحادة للتنمية المستدامة، مشددًا على أهمية مساهمة أفريقيا فى صياغة المعايير العالمية للافصاح. وأشار إلى أن هذه الإفصاحات تعد أدوات لخفض التباينات المعلوماتية وتقليل المخاطر المتوقعة، وهو أمر حيوي للاقتصادات الأفريقية حيث تكون تكلفة رأس المال أعلى بثلاثة إلى أربعة أضعاف من الاقتصادات المتقدمة، معتبرًا أن الإفصاحات الموثوقة يمكن أن تغير تصورات المستثمرين للمخاطر وتدعم التخصيص الفعال للتمويل المشترك.
وأفاد محيي الدين بأن مواءمة الشركات الأفريقية مع معايير المجلس الدولي لمعايير الاستدامة (ISSB) تمنحها المصداقية والشفافية وجودة البيانات المطلوبة من المشترين والممولين العالميين، مما يعزز قدرتها التنافسية في سلاسل الإمداد العالمية، وأشار إلى أن العديد من الدول الأفريقية تتحرك بسرعة للمواءمة مع معايير (ISSB)، وهو ما يثبت أن الأسواق الناشئة يمكنها أن تحدد وتيرة صياغة القواعد العالمية.
وفي جلسة أخرى نظمها مجلس معايير الاستدامة الدولي بعنوان “التمويل المستدام ودور الإفصاحات المفيدة في اتخاذ القرار”، قال محيي الدين إن التحدي الرئيسي للبلدان النامية هو أن الأطر العالمية الحالية لا تعكس واقعها، وغالبًا ما تكون مصممة لتتناسب وقدرات الاقتصادات المتقدمة.
وأوضح ثلاثة أبعاد ينبغي الالتفات اليها: هي التكلفة المرتفعة للامتثال للمعايير المعقدة مما يحول الموارد الشحيحة بعيدًا عن الاستثمار، وعدم تضمين البيانات الأكثر أهمية للبلدان النامية المتعلقة بالتكيف والمرونة ومسارات التحول في المعايير العالمية، مما يؤدي إلى تسعير خاطئ لفرصها، فضلًا عن أن أنظمة الإفصاح الحالية يمكن أن توسع عن غير قصد الفجوة في تكلفة رأس المال.
ودعا محيي الدين إلى تحول نحو أطر عالمية متناسقة قابلة للتشغيل المتبادل وذات فائدة فعلية في اتخاذ القرار، مؤكدًا أن الشفافية يجب أن تمكّن الاستثمار لا أن تقيده، كما حدد آليات دولية مهمة لمواجهة التحديات مثل مساهمة بنوك التنمية متعددة الأطراف في مواءمة توقعات الإفصاح مع قدرات البلدان، وإصلاح نظام التصنيف الائتماني وتقييم المخاطر بحيث يتبنى هذا النظام مقاييس المرونة ويتجنب معاقبة البلدان على الصدمات التي لم تتسبب فيها.
وفي الختام، أكد محيي الدين على أن الإفصاح عالي الجودة عن الاستدامة ليس مجرد متطلب فني؛ بل هو فرصة استراتيجية لتعزيز دور أفريقيا في الأسواق العالمية وتنفيذ العمل المناخي، وحشد التمويل المشترك، ودعم بنية تحتية خضراء قادرة على الصمود، داعيًا إلى ربط أجندة الإفصاح بالعمليات العالمية الأوسع، بما في ذلك نتائج مؤتمر تمويل التنمية الرابع (FfD4) ومؤتمر الأطراف الثلاثين (COP 30)، لضمان تحقيق تأثير إنمائي ومناخي ملموس.



