رئيس التحرير

أرشد الحامدي

رئيس التحرير التنفيذي

سمير سعيد

مدير التحرير

وفاء رمضان

نواب مدير التحرير

آيه القصاص
محمد عوض

رئيس التحرير

أرشد الحامدي

رئيس التحرير التنفيذي

سمير سعيد

مدير التحرير

وفاء رمضان

نواب مدير التحرير

آيه القصاص
محمد عوض

“مروان احمد”: ننصح رواد الأعمال بالاعتمام على عقوداً تؤمن مصالحهم وليست مجرد عقود منمقة

 

شدد “مروان أحمد” المحامي بمكتب “توكل” للمحاماه والاستشارات القانونية، أحد أكبر مكاتب المحاماه فى مصر، على أهمية التعاقدات فى عالم المال والأعمال، وضرورة التفرقة بين صياغة العقود ومذكرات التفاهم، التي تعد بمثابة خريطة طريق للعلاقة بين أي طرفين قبل أن تتحول إلى التزام تعاقدي كامل فيما ينهما.

وحذر “مروان أحمد”، من أن الكثيرون يعتقدون أن مذكرة التفاهم ماهي إلا مجرد ورقة ودّية لا أثر قانوني لها، ويوقعونها بلا مراجعة، إلا أن الصياغة قد تجعلها في الواقع عقدًا مُلزِمًا دون قصد.

 

* مذكرات التفاهم والعقود القانونية وجهان لعملة واحدة الأولى تنظم العمل والثانية تؤكد الإلتزام به

 

* بداية ماهو الفرق بين مذكرة التفاهم والعقد .. وكيف يبدأ المحامي صياغة عقد جديد من الصفر؟

 

أسئلة نسمعها كثيرًا من رجال الأعمال ورواد المشاريع الناشئة، بل وحتى من بعض الزملاء حديثي العهد بالمهنة، الإجابة ليست مجرد نظرية قانونية، بل رحلة مهنية يومية يعيشها كل محامٍ متخصص في التعاقدات، فلنبدأ من البداية.

أولاً، مذكرة التفاهم،

في عالم الأعمال، قبل أن يجلس الطرفان على طاولة العقد، هناك دائمًا مرحلة التعارف القانوني، حيث لا تزال الفكرة في طور النضج، والرغبة في التعاون موجودة، لكن الالتزامات لم تترسخ بعد. هنا تظهر مذكرة التفاهم   (Memorandum of Understanding)، التي تُعد بمثابة خريطة طريق للعلاقة قبل أن تتحول إلى التزام تعاقدي كامل.

فقد يسأل القارئ، هل مذكرة التفاهم عقد، وهل تُلزم الأطراف قانونيًا، إلا أن الإجابة، ليست دائمًا، فمذكرة التفاهم تختلف عن العقد في جوهرها ووظيفتها.

مذكرة التفاهم ليست وثيقة إلزامية من حيث التنفيذ، وإنما وثيقة تنظيمية وتعبيرية، تعبّر عن نية الأطراف في التعاون، وتضع الخطوط العريضة للمشروع أو العلاقة المستقبلية، لكن الخطر يكمن هنا بالضبط.

كثيرون يظنون أن مذكرة التفاهم ورقة ودّية لا أثر قانوني لها، فيكتبونها بلا عناية، ويوقعونها بلا مراجعة، غير أن الصياغة قد تجعلها في الواقع عقدًا مُلزِمًا دون قصد.

* صياغة العقود ليست عملية ميكانيكية وإنما عمل يجمع بين الفهم التجاري والقانوني والتنبؤ بالمخاطر

 

* وكيف إذن تتحول النية إلى التزام ؟

 

إذا ما تخيلنا أن شركتين وقعتا مذكرة تفاهم تنص على التزام الطرفين بإبرام عقد توريد خلال 30 يومًا، وتحديد الأسعار والالتزامات الجوهرية منذ الآن، في هذه الحالة، يكون النص أقرب إلى عقد مبدئي منه إلى مذكرة تفاهم.

بينما إذا نصت المذكرة على أن الأطراف يبدون رغبتهم في التعاون مستقبلًا وفقًا لشروط يتم التفاوض حولها لاحقًا، فهي إذًا مجرد تعبير عن النية وليس التزامًا قانونيًا.

الفرق بين العبارتين ليس لغويًا فقط، بل جوهري في التكييف القانوني، كلمة واحدة قد تنقل الوثيقة من ضفة “النية” إلى ضفة “الالتزام” .

ولهذا، نقول دائمًا، إن صياغة مذكرة التفاهم ليست تمرينًا لغويًا، بل هندسة قانونية دقيقة.

 

* حدثنا عن الهدف إذن من مذكرة التفاهم  ؟

 

1 –  تحديد النوايا المشتركة: هل يرغب الطرفان في الدخول بعلاقة تجارية؟ في أي نطاق؟

2 –  توضيح الخطوات المستقبلية: متى تبدأ المفاوضات؟ ما الإطار الزمني؟

3 – تحديد السرية والاختصاص: أحيانًا تحتوي المذكرة على بند سريّة أو بند ولاية قضائية.

4  –  تهيئة الأرضية للعقد النهائي: بحيث تكون المذكرة بمثابة مشروع أولي يُبنى عليه العقد اللاحق.

لكن في النهاية، تبقى النصيحة الذهبية، حتى لو كانت مجرد نوايا، لا تكتب مذكرة تفاهم دون محامٍ.

 

* مذكرات التفاهم ليست وثيقة إلزامية من حيث التنفيذ وإنما وثيقة تنظيمية وتعبيرية

 

* وماذا عن صياغة العقود وكيف إذن يتم صياغتها قانونياً ؟

 

هنا ننتقل من مرحلة النية إلى مرحلة الالتزام، من عالم لنرَ ما يمكن أن نفعله إلى عالم اتفقنا على ما سنفعله، صياغة العقد ليست عملية ميكانيكية، وليست نسخة جاهزة من الإنترنت، إنها عمل فكري دقيق يجمع بين الفهم التجاري والفهم القانوني والقدرة على التنبؤ بالمخاطر.

في مكاتب المحاماة، نقول مازحين، العقد الجيد هو العقد الذي لا تحتاج إلى قراءته بعد التوقيع، أي أن وضوحه وتوازنه يمنعان النزاع قبل وقوعه، و لذلك يجب ان نتبع عدة خطوات عند صياغة العقد كالتالي:

الخطوة الأولى: فهم الواقع قبل النص:

أول ما أفعله عند صياغة عقد جديد هو الاستماع، قبل أن أمسك القلم، أستمع إلى العميل: ما طبيعة العلاقة، ما هدفه، ما يخشاه، فكثير من المحامين يقفزون مباشرة إلى الكتابة، فينتجون عقودًا مليئة بالبنديات القانونية لكنها خالية من روح الواقع.

العميل لا يحتاج عقدًا منمقًا، بل عقدًا يحميه، ولا يمكنك أن تحميه إن لم تفهم مصلحته ومخاطره.

على سبيل المثال، لو كان العقد بين شركة تصميم ومطعم ناشئ، فالمحامي الذي لا يسأل عن طبيعة العمل سيغفل بند حقوق الملكية الفكرية، أو بند المدة الزمنية للتسليم، بينما المحامي الدقيق يبدأ من فهم تفاصيل النشاط، ثم يترجمها إلى بنود.

الخطوة الثانية: تحديد الأطراف والصفات:

فمن أبسط الأخطاء وأكثرها خطورة أن يُذكر أحد الأطراف باسمه فقط دون صفته القانونية، هل هو شخص طبيعي أم شركة، هل يوقّع بصفته مديرًا أم ممثلًا عن الكيان، وفي القانون، الصفة هي بوابة الالتزام، فإذا كانت مغلقة، لا ينفذ العقد، ولهذا نحرص دائمًا أن تُكتب الأطراف بدقة لأن أي غموض في البداية، يولّد نزاعًا في النهاية.

 

الخطوة الثالثة: بناء الهيكل المنطقي :

العقد الناجح هو الذي يمكنك قراءته وكأنك تتبع خريطة، لكل بند موقع ووظيفة، عادة أبدأ بـ:

التمهيد ويُذكر فيه خلفية الاتفاق، ثم التعريفات لضمان وضوح المصطلحات، ثم الموضوع ما هو محل العقد تحديدًا، ثم الالتزامات ماذا يفعل كل طرف، ثم الدفع المبالغ المالية و كيفية دفعها، ثم المدة والإنهاء، ثم السرية، الملكية الفكرية، الاختصاص القضائي، واخيراً، التوقيع وأحكام ختامية.

هذه ليست مجرد ترتيبات شكلية، بل تسلسل منطقي يضمن ألا تتداخل البنود أو تتناقض.

 

الخطوة الرابعة: الكتابة بلغة دقيقة دون جمود :

الكتابة القانونية ليست مرادفة للتعقيد، القوة في الوضوح، لا في الغموض، فالمحامي المتمكن هو من يكتب بندًا واضحًا لا يحتمل إلا تفسيرًا واحدً،  مثلًا بند الالتزامات:

بدلًا من القول: يتعهد الطرف الثاني بالقيام بالأعمال اللازمة وفقًا لما يُتفق عليه”، يكتب بوضوح: “يلتزم الطرف الثاني بتقديم خدمات التصميم المتفق عليها خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ استلام الدفعة الأولى، على أن يتم التسليم بصيغة رقمية قابلة للطباعة”، هكذا يصبح الالتزام محددًا وواضحًا وقابلًا للتنفيذ.

الخطوة الخامسة: المراجعة والتوازن :

بعد الانتهاء من المسودة الأولى، أراجعها من منظور الطرف الآخر، أسأل نفسي، لو كنت أنا الطرف المقابل، هل هذا البند عادل، فالتعاقد ليس معركة، والعقد المتوازن هو الذي يصمد في وجه الزمن، كما ان المبالغة في الانحياز لأحد الطرفين تُضعف العقد ولا تحميه، بل إن المحاكم تميل إلى تفسير العقود المتحيزة ضد الطرف الذي صاغها، ولهذا، الإنصاف في الصياغة ليس مجرد أخلاق مهنية، بل حماية قانونية حقيقية.

* من الخطأ الاعتقاد أن مذكرة التفاهم بلا أثر قانوني فصياغتها قد تجعلها عقدًا مُلزِمًا دون قصد

 

الخطوة السادسة: التنسيق بين اللغتين :

في مصر وكثير من الدول العربية، العقود تُكتب غالبًا بلغتين، العربية والإنجليزية، وهنا تظهر مهارة أخرى: التوازن اللغوي القانوني، فليست الترجمة الحرفية هي المطلوبة، بل الترجمة القانونية المتوازنة، وكل اختلاف بسيط في الترجمة قد يؤدي إلى اختلاف في التفسير، لذلك، أراجع النسختين بندًا بندًا لأتأكد أن المعنى القانوني واحد تمامًا.

الخطوة السابعة: التوقيع والأثر :

قد يظن البعض أن التوقيع نهاية العقد، لكنه في الحقيقة بدايته، بعد التوقيع، تبدأ مرحلة التنفيذ والمتابعة، هنا تظهر أهمية البنود التي نظّمت الإنهاء، أو حل النزاعات، أو القوة القاهرة، والعقد ليس وثيقة جامدة، بل كائن قانوني يعيش بقدر ما يُنفَّذ.

إذا في النهاية يمكننا القول ان بين مذكرة التفاهم والعقد، خطاً رفيعا، مذكرة التفاهم هي تنظيم.

العقد هو التزام، ولكن كلاهما وجهان لعملة واحدة: الثقة القانونية.

 

* الإنصاف في صياغة العقود ليس مجرد أخلاق مهنية وإنما حماية قانونية حقيقية

 

المحامي الذي يصيغ مذكرة تفاهم بذكاء، هو ذاته الذي يعرف كيف يحوّلها إلى عقد دون أن يفقد التوازن بين الأطراف، وهنا يظهر الفارق بين من يكتب عقدًا ومن يصيغه.

الصياغة فن قبل أن تكون قانونًا، فالقانون يتيح الأدوات، لكن الصياغة تحتاج حسًّا هندسيًا، وذكاء لغويًا، وخبرة في قراءة النفوس قبل النصوص.

فالمحامي الذي يجلس خلف مكتبه ليكتب بندًا، عليه أن يتخيل الطرفين بعد خمس سنوات، حين يختلفان، هل سيجدان في العقد الحل أم سبب النزاع، ذلك هو جوهر الصياغة القانونية، أن تكتب اليوم، لتُجنِّب الآخرين خلاف الغد.

 

فيسبوك
تويتر
واتسآب
إيميل
طباعة

أقرأ ايضاً