في خطوة جديدة تؤكد جدية الدولة المصرية في التحول نحو نموذج اقتصادي قائم على الشراكة والاستثمار بدلاً من الاعتماد على القروض، أعلنت الحكومة المصرية بدء تفعيل حزمة الاستثمارات القطرية في الاقتصاد المصري بقيمة 7.5 مليار دولار أمريكي للاستثمار في قطاعات الزراعة والأمن الغذائي والبنية التحتية والطاقة المتجددة، إلى جانب توقيع عقود لتطوير مشروع استثماري كبير لشركة الديار القطرية ممثلة لدولة قطر وهيئة المجتمعات العمرانية ممثلة لمصر في منطقتي سملا وعلم الروم بمحافظة مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط بقيمة 29.7 مليار دولار أمريكي تشمل 3.5 مليار دولار أمريكي قيمة أرض المشروع و26.2 مليار دولار أمريكي استثمارات لبناء وتشغيل المشروع بالإضافة إلي 15% حصة هيئة المجتمعات العمرانية من الأرباح الذي من المتوقع أن تبلغ إيراداته السنوية 1.8 مليار دولار أمريكي؛ ويأتي هذا الإعلان بعد أيام قليلة من توقيع الشريحة الثانية من حزمة الدعم الأوروبي لمصر بقيمة 4 مليارات يورو ضمن برنامج تمويلي شامل يبلغ 7.4 مليار يورو. كما يتكامل هذا التوجه مع سلسلة من الشراكات الاستثمارية الكبرى التي وقعتها مصر مؤخرًا أبرزها باستثمارات 35 مليار دولار امريكي و18.5 مليار دولار أمريكي في مشروعات تنموية وسياحية على البحر الأحمر والمتوسط.
تُظهر هذه التطورات أن الدولة المصرية تتحرك ضمن رؤية اقتصادية متكاملة تستهدف بناء نموذج تنموي مستدام قائم على جذب الاستثمارات طويلة الأجل وتعزيز التحالفات الاستراتيجية مع شركاء إقليميين ودوليين. ويأتي ذلك في ظل تحسن تدريجي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث شهدت مصرمؤخرًا رفعًا لتصنيفها الائتماني من عدد من المؤسسات الدولية، إلى جانب إشادة صندوق النقد الدولي بالتقدم المحرز في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحديث توقعاته الإيجابية للنمو والتضخم. كما يأتي ذلك تأكيداً لما صاغته الدولة المصرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية كبرنامج اقتصادي وطني مستقل للاقتصاد المصري من ضمن أهم مستهدفاته هو أستبدال القروض بشراكات استثمارية تستهدف التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في شرايين الاقتصاد المصري.
تُعد الحزمة الاستثمارية القطرية دفعة قوية جديدة في هذا المسار، إذ تمثل تعزيزًا مباشرًا للتدفقات الاستثمارية الأجنبية وتدعيماً للاحتياطي الأجنبي ودعمًا لجهود الدولة في تنويع مصادر التمويل وتقليص الفجوة التمويلية. كما أن مشروع تطوير منطقة علم الروم–سملا يُسهم في تحفيز التنمية الإقليمية بمحافظة مطروح، عبر جذب استثمارات سياحية وعمرانية جديدة، وتحسين البنية التحتية، وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وإضافةً إلى ذلك، يُرسل هذا الاتفاق إشارة إيجابية للأسواق والمستثمرين الدوليين بأن مصر تواصل تحسين بيئتها الاستثمارية والتشريعية، وتعمل بجدية على جذب رؤوس أموال أجنبية تدعم النمو المستدام. وهو ما يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري كمركز إقليمي واعد للاستثمار في الشرق الأوسط وأفريقيا.



