رئيس التحرير

أرشد الحامدي

رئيس التحرير التنفيذي

سمير سعيد

مدير التحرير

وفاء رمضان

نواب مدير التحرير

آيه القصاص
محمد عوض

رئيس التحرير

أرشد الحامدي

رئيس التحرير التنفيذي

سمير سعيد

مدير التحرير

وفاء رمضان

نواب مدير التحرير

آيه القصاص
محمد عوض

خالد العنانى: سأجعل اليونسكو بيتا يعبّر عن قيم مختلف الشعوب

حقق الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار الأسبق، فوزا ساحقا بمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للفترة من 2025 إلى 2029، بعد حصوله على 55 صوتا من أصل 57 خلال تصويت المجلس التنفيذى للمنظمة مساء أمس الاثنين.

وعقب الإعلان عن انتخاب العناني مديرا عاما لليونسكو، خلفا للفرنسية أودري أزولاي، عمت الفرحة أرجاء المكان، داخل أروقة هذه المنظمة التي تهدف في الأساس إلى المساهمة في إحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة.

وقال الدكتور العناني – في حوار أجراه مع وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس – “إن خدمتي لن تقتصر على إدارة منظمة دولية، بل ستكون التزاما بأن أجعل من اليونسكو بيتا يعبّر عن القيم المتنوعة لمختلف شعوب العالم، ويجعل من معاناتهم وأحلامهم جزءا من الرسالة الإنسانية العالمية”.

ويأتي هذا الفوز تتويجا لإنجازاته الأكاديمية والتنفيذية الملموسة في مجالات عديدة، فضلا عن إسهاماته الكبيرة والقيمة على الصعيدين الوطني والدولي في مجالات العلوم والتربية والثقافة والتي تعد نتاجا لخبراته التي تمتد لأكثر من 30 سنة في مجالات التدريس الجامعي والبحث العلمي وعلوم المصريات والآثار والتراث والمتاحف والسياحة.

وفي هذا الصدد، قال العناني “اعتبر أن مسيرتي الأكاديمية والمهنية كانت وما تزال مصدر إلهام وتشكيل لرؤيتي، ليس فقط في المجال العلمي، وإنما أيضًا في الإيمان العميق بالدور الذي يمكن للثقافة والتعليم والعلوم أن تلعبه في بناء السلام وتعزيز التفاهم بين الشعوب .. ومنذ بداياتي كأستاذ جامعي ثم باحث متخصص في علم الآثار والتاريخ، أدركت أن المعرفة ليست حكرا على النخبة، وإنما هي أداة تمكين للمجتمعات كافة .. عملي الأكاديمي علّمني قيمة الدقة العلمية والالتزام بالمنهجية، فيما منحتني تجربتي الوزارية القدرة على تحويل هذه الرؤى إلى سياسات عملية قابلة للتنفيذ، تستند إلى الحوار والتعاون الدولي”.

وقال “رؤيتي تقوم على أن اليونسكو لا يمكن أن تحقق رسالتها إذا عملت كل دولة بمعزل عن الأخرى، بل من خلال التضامن والتعاون الحقيقي .. لذلك سأحرص على أن تكون إدارتي قائمة على حسن الاستماع، التشارك، وبناء توافقات تضمن أن يشعر كل عضو أن صوته مسموع وأنه شريك في صنع القرار”.

يعد هذا الفوز فوزا تاريخيا، إذ أصبح العناني بهذه النتيجة أول عربي يحصل على هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس المنظمة الدولية عام 1945 .. فقد حظى العناني بتأييد عربي غير مسبوق خاصة بعد أن تبنت جامعة الدول العربية قرارا على مستوى القمة في مايو 2024 بدعم وتأييد ترشيح الدكتور العناني باعتباره المرشح العربي الوحيد لهذا المنصب، وهي المرة الأولى التي يحظى فيها مرشح بإجماع عربي واسع بهذا الشكل، مايعكس تطلعات الدول العربية لدور فاعل داخل المنظمة الدولية، وأهمية القيادة العربية لليونسكو في المرحلة المقبلة.

كما أصبح ثاني إفريقي يتبوأ هذا المنصب بعد السنغالي أمادو محتار مبو (1974-1987)، وقد حظى بدعم واسع على المستوى الافريقي .. في هذا الشأن قال العناني: “أنا فخور بالفعل بأن ترشيحي حظى بدعم المجموعتين العربية والإفريقية، فهذا الدعم يعكس ثقة جماعية تتجاوز البعد الوطني لتجسد هوية مشتركة وقيم متجذرة .. وأعتبر أن أولويتي هي أن تكون أصوات المجموعتين مسموعة بوضوح في قلب صنع القرار باليونسكو”.

ولفت إلى أنه سيعمل على عدة مسارات، أهمها التقارب والشراكات عبر تعزيز التعاون جنوب–جنوب، بحيث تصبح اليونسكو منصة لتبادل الخبرات بين الدول العربية والإفريقية، وإبراز نجاحاتها كنماذج عالمية، فضلاً عن إبراز الصوت المشترك من خلال تعزيز دور المنظمة في مساعدة الدول الأعضاء على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، الهجرة، حماية الهوية الثقافية، والحق في التعليم، بحيث لا تكون هذه القضايا هامشية بل في صدارة الأجندة الدولية.

وأكد ” خدمتي لن تقتصر على إدارة منظمة دولية، بل ستكون التزاماً بأن أجعل من اليونسكو بيتاً يعبّر عن القيم المتنوعة لمختلف شعوب العالم، ويجعل من معاناتهم وأحلامهم جزءاً من الرسالة الإنسانية العالمية”.

حصل العناني على وسام جوقة الشرف من فرنسا برتبة فارس، وهو أحد أرفع الأوسمة الوطنية الفرنسية، ودرجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بول-فاليري مونبلييه 3، الأمر الذي اعتبره العناني “لم يكن تكريما شخصيا فحسب، بل تقديرا لمسيرة تعاون ممتدة بين مصر والعالم في مجالات البحث العلمي وصون التراث”.

وقال إن ما يميز هذه المنظمة اليونسكو هو شموليتها واتساع ولايتها عبر التعليم، الثقافة، العلوم، والاتصال، وهو ما يتقاطع تماما مع مسيرتي الأكاديمية والمهنية.

وأعرب عن تطلعه في أن يسهم من خلال هذه التجربة المتكاملة في تعزيز حضور اليونسكو على الأرض، وجعلها أكثر قدرة على الاستجابة للتحديات، وأقرب إلى تطلعات الدول الأعضاء وشعوبها.

ومنذ بدء حملته الانتخابية، والتي استمرت بنحو 30 شهرا، زار العناني خلالها أكثر من 60 دولة، استمع وتبادل الآراء مع أشخاص من خلفيات متنوعة، بما في ذلك مسؤولون، وخبراء في مجالات اختصاص اليونسكو، وممثلو المجتمع المدني، وطرح رؤية شاملة وتصورا متكاملا لمستقبل عمل اليونسكو، وهو ما شكل أثرا بالغا عليه.

في هذا الشأن ، قال العناني “خلال جولاتي الانتخابية التي شملت أكثر من 60 دولة، كان لكل محطة أثر خاص، لكن ما ترك أثرا بالغا في نفسي هو زيارتي لعدد من الدول الإفريقية والدول الجزرية الصغيرة، حيث لمست عن قرب التحديات الحقيقية التي تواجهها في مجالات التعليم وحماية التراث والتكيف مع آثار تغير المناخ.. هذه اللقاءات لم تكن مجرد حوارات بروتوكولية، بل كانت فرصة للاستماع المباشر لاحتياجات تلك الدول، وهو ما عزز قناعتي بأن اليونسكو يجب أن تكون أكثر قربا وفعالية في دعمها لها”.

وتابع “خرجت من هذه المحطات بإيمان عميق بأن تعزيز حضور اليونسكو في إفريقيا والدول الجزرية الصغيرة يجب أن يكون أولوية قصوى، لأن مستقبل المنظمة مرتبط بقدرتها على الاستجابة لاحتياجات أكثر المجتمعات هشاشة وإعطائها صوتا قويا في النظام المتعدد الأطراف”.

وفي رؤيته “اليونسكو من أجل الشعوب”، أبدى العناني اهتماما كبيرا بالتعليم، وهو ما أكده قائلا “التعليم هو الركيزة الأساسية لأي تنمية حقيقية، ولهذا جعلته في صميم رؤيتي .. عندما أقول “شعوب قادرة على الفعل من خلال تعليم عالي الجودة”، فأنا أؤكد أن التعليم ليس مجرد حق أساسي، بل هو أداة للتمكين وبناء القدرات وتحقيق العدالة الاجتماعية”.

وأشار إلى تصوره لتعزيز دور اليونسكو في هذا المجال والذي يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: تقليص فجوة عدم المساواة في التعليم، عبر دعم الدول النامية والأقل نموا ببرامج مبتكرة لتوسيع الوصول إلى التعليم الأساسي والثانوي والعالي؛ والتحول الرقمي والتكنولوجيا، مع الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتدريب المعلمين على الأدوات التكنولوجية الحديثة؛ و”التعليم من أجل المستقبل”، مع التركيز على مهارات القرن الحادي والعشرين مثل الإبداع، الابتكار، التفكير النقدي، وقيم التسامح والتنوع الثقافي.

وأضاف “بهذه الرؤية، أسعى لأن تكون اليونسكو الحاضنة العالمية لإصلاح التعليم، والقادرة على قيادة حوار دولي واسع وتحويله إلى برامج عملية ملموسة تدعم كل الدول الأعضاء دون استثناء”.

وفيما يخص التراث الثقافي، أبدى العناني اهتماما بالغا بالحفاظ وحماية التراث الثقافي .. في هذا الصدد، شدد العناني على أن “التراث الثقافي ليس مجرد ماض نحتفي به، بل هو جسر يربط الأجيال ويعطيهم شعورا بالهوية والانتماء .. ولهذا كنت حريصا دائما على زيارات ميدانية للمواقع الأثرية، وعلى إشراك الشباب بشكل مباشر في برامج التوعية والحماية، لأن حماية التراث لا تكتمل إلا عندما يصبح الشباب شركاء في صونه”.

وأكد على أهمية توسيع برامج التعليم الثقافي داخل المدارس والجامعات لتعريف الأجيال الجديدة بقيمة تراثهم، وتشجيع مبادرات الشباب في حماية وإدارة المواقع الأثرية عبر التدريب التطوعي والمشروعات المبتكرة، والربط بين التراث والتنمية المستدامة، من خلال تحويل التراث إلى مصدر إلهام وفرص اقتصادية للشباب في مجالات السياحة الإبداعية والصناعات الثقافية.

وقال “بهذا النهج، لا يصبح التراث مسؤولية المؤسسات وحدها، بل مسؤولية مشتركة، يسهم فيها الشباب بروح جديدة تعزز صلابة الهوية الثقافية وتضمن استدامتها”.

وفيما يخص الثقافة، لفت العناني إلى أن الثقافة في جوهرها هي لغة مشتركة بين الشعوب، وإذا أحسنا توظيفها تصبح أداة قوية لتوحيد المجتمعات وتعزيز التفاهم والسلام.

وقال “أرى أن دور اليونسكو يجب أن يركز على توسيع المنصات التي تجمع الثقافات المختلفة، سواء عبر برامج تبادل ثقافي، أو دعم الإبداع الفني المشترك، أو الاستثمار في الصناعات الثقافية التي تعكس تنوعنا الإنساني .. كما أن اليونسكو قادرة على أن تكون جسر حوار عالمي، من خلال مبادرات تستمع لكل الثقافات، وخاصة الأصوات المهمشة، وتبرز ما يجمعنا بدل ما يفرقنا”.

وحرص العناني طوال مسيرته المهنية على التواجد الميداني بشكل دائم في المواقع الأثرية والمتاحف، إيمانا منه بأن الإدارة الناجحة للتراث لا يمكن أن تتحقق من المكاتب فقط، بل من خلال التواجد على الأرض والاستماع المباشر للعاملين والمجتمعات المحلية.

ويرى العناني أن تعزيز التواجد الميداني لمنظمة اليونسكو ضرورة حقيقية، خاصة في الدول النامية والأقل نموا، حيث يواجه التراث والتعليم والثقافة أكبر التحديات، مؤكدا أهمية أن يتحول الحضور الميداني إلى ركيزة أساسية لعمل اليونسكو، عبر توسيع مكاتب اليونسكو الإقليمية ودعمها بالكوادر المتخصصة، وتنفيذ زيارات رصد تفاعلية بشكل دوري لمواقع التراث، وتعزيز الشراكة مع السلطات الوطنية والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

وقال “إن اليونسكو القريبة من الميدان، والمتصلة مباشرة بالدول الأعضاء، ستكون أكثر تأثيراً وفعالية في تحقيق رسالتها الإنسانية”.
وشدد على أن الحوار والعمل الجماعي يمثلان أداة مهمة في عمله خلال توليه منصب مدير عام اليونسكو، قائلا “أعتبر أن الحوار والعمل الجماعي ليسا مجرد أدوات، بل هما ركيزتان أساسيتان لنجاح أي قيادة دولية. فالحوار يفتح أبواب التفاهم ويزيل سوء الفهم بين الدول الأعضاء، أما العمل الجماعي فيجعل القرارات أكثر شمولا وقوة لأنه يعكس توافقا واسعا”.

لذا، أوضح أن رؤيته تقوم على أن اليونسكو لا يمكن أن تحقق رسالتها إذا عملت كل دولة بمعزل عن الأخرى، بل من خلال التضامن والتعاون الحقيقي”.. وختم قوله بالتأكيد على حرصه “على أن تكون إدارتي قائمة على حسن الاستماع، التشارك، وبناء توافقات تضمن أن يشعر كل عضو أن صوته مسموع وأنه شريك في صنع القرار”.

يذكر أن الدكتور العناني فاز برئاسة اليونسكو بتوصية من المجلس التنفيذي للمنظمة أمس /الاثنين/ في باريس، وذلك قبل الانتخابات النهائية للمؤتمر العام في سمرقند بأوزبكستان في 6 نوفمبر.. إلا أن تصويت أمس يعتبر خطوة حاسمة، إذ لا يُذكر أن المؤتمر العام سبق له أن خالف توصيات المجلس التنفيذي بهذا الشأن.

 

فيسبوك
تويتر
واتسآب
إيميل
طباعة

أقرأ ايضاً