في مشهدٍ يجسّد الفجوة المؤلمة بين واقع طلاب الثانوية العامة والتصريحات الرسمية أجريتُ كصحفية اتصالًا مباشرًا بأحد كبار المسؤولين في وزارة التربية والتعليم لطرح التساؤلات الحائرة حول امتحان مادة الأحياء هذا العام، والذي أثار جدلًا واسعًا ليس فقط بين الطلاب وأولياء الأمور بل حتى بين مستشاري المادة والمدرسين أنفسهم.
الأسئلة جاءت جدلية وشديدة التعقيد والإجابات تعددت بشكل غير مسبوق، لدرجة أن الكتب الخارجية الكبرى اختلفت فيما بينها وكل إصدار قدّم إجابة مغايرة عن الآخر ما تسبب في حالة من الارتباك والقلق الشديد لدى الطلاب وأفقد كثيرين ثقتهم في توقعاتهم، أو حتى قدرتهم على تقييم أدائهم فيما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصرخات أولياء الأمور من الآباء والأمهات.
لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في الامتحان نفسه بل في ردّ المسؤول التربوي الرفيع الذي أكّد لي بثقة لا تخلو من الإنكار أن “الامتحان رائع وبدون أي أخطاء ولم ترد إلينا شكاوى بل على العكس.. الطلاب يثنون على مستواه”!
ردٌّ جعلني أتساءل بذهول: هل نحن في البلد نفسه؟ هل يعيش المسؤولون الواقع ذاته الذي يعاني فيه أبناؤنا؟
هذه ليست مجرّد شكوى عابرة، بل صرخة من قلب أزمة تعليمية حقيقية يشعر فيها الطلاب بالضياع وسط اختبارات تمتحنهم في آرائهم أكثر مما تقيس تحصيلهم وتضعهم في مواجهة إجابات جدلية لا اتفاق عليها حتى بين المتخصصين.
إننا نناشد المسؤولين:
استمعوا لأصوات الطلاب وراجعوا ما حدث ولا تستهينوا بالأثر النفسي والتربوي العميق لمثل هذا التجاهل.
الثانوية العامة ليست مجرد امتحان.. بل هي منعطف مصيري في حياة ملايين الأسر.