بقلم: محمد رضا
الرئيس التنفيذي لمجموعة سوليد كابيتال SOLID Capital Group ورئيس مجلس إدارة شركة سوليد كابيتال للاستشارات المالية عن الأوراق المالية SCFA راعي معتمد لبورصة النيل
في إطار الرؤية المستهدفة أن تلعب الشركات المتوسطة والصغيرة دورا محوريا في الاقتصاد المصري وعلى الرغم من أهمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد القومي وبالرغم من أنها كانت قاطرة نمو الاقتصاديات العالمية الكبرى التي حققت قصص نجاح كبيرة وآخرها الاقتصاد الصيني فلم ندرك في مصر حتى الآن أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة كمكون رئيسي للاقتصاد القومي وقاطرة رئيسية لنمو وازدهار الاقتصاد المصري، حيث تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة صعوبات تمويلية عند الرغبة في التوسع والوصول إلى أسواق جديدة والتي تحول دون الحصول على التمويل اللازم من البنوك وذلك بسبب غياب النظام المالي وقلة أو انعدام الضمانات لعدم وجود أصول مقابلة وعدم وجود تاريخ مالى قوى للشركات وارتفاع درجة المخاطرة لانخفاض كفاءة الإدارة، لذا فإنه من الطبيعي أن تتعرض الشركات وخاصة العائلية منها لمخاطر كبيرة تهدد كيانها واستمراريتها، لذلك أصبح من الضروري العمل على تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة من خلال تحولها إلى شركات مساهمة عامة ومقيدة في البورصة مما يرفع من قدرتها على مواجهة التحديات الأساسية وحمايتها من التعثر والانهيار.
ومن هنا جاء قيام البورصة المصرية بتأسيس بورصة النيل منذ أكثر من عشرة سنوات لتكون سوق للشركات المتوسطة والصغيرة داخل البورصة المصرية لتصبح بورصة النيل هي أول سوق لتمويل الشركات المتوسطة والصغيرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أطار أهداف رئيسية تؤمن بأهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد القومي من خلال خلق سوق رأس المال يضم الشركات الصغيرة والمتوسطة يمنحها فرص النمو والتوسع من خلال فتح الآفاق أمامها لتموبلات دون عوائق لتنفيذ عملياتها التوسعية ومنحها الدعم الهيكلي لتطوير أعمالها ونظم الإدارة والحوكمة بها، فبالرغم من أهمية ذلك القطاع من الشركات للاقتصاد القومي وامتلاكها لإمكانيات عالية للنجاح والنمو فإن مساهمتها في النمو الاقتصادي والتكوين الرأسمالي يعتبر محدود نظراً لما تواجهه من معوقات في جانب التمويل لذا فإن توجية الشركات الصغيرة والمتوسطة للقيد في بورصة النيل سيوفر لها فرص غير محدودة للتمويل والتوسع بدون تعقيدات وحمايتها من التعثر والانهيار وتطوير هذه الشركات من خلال تحولها إلى شركات مساهمة عامة ومقيدة في البورصة والتي سيمكنها من الحصول على تمويل طويل الأجل لتنمية وتطوير أعمالها عن طريق زيادة رأسمالها أو طرح جزء من أسهمها للاكتتاب ومنحها مركز أقوى أمام العملاء والموردين والبنوك والتسويق لعلامتها التجارية واسم الشركة وكذلك تحديد قيمة عادلة للشركة وكذلك حماية حقوق المساهمين وتسهيل عملية دخول وتخارج المساهمين وبالقيمة السوقية وفي أي وقت عن طريق سوق المال دون التاثير على أستمرارية الشركة، وكذلك طرح فرص للاستحواذ والإندماج بينها لتكوين كيانات أكبر، وتطوير الشركات المقيدة من خلال مؤسسات استشارية متخصصة وهم مايطلق عليهم الرعاة المعتمدين والذين يؤهلون الشركات للقيد فى البورصة ويساعدون فى عملية طرح الأسهم للاكتتاب والالتزام بقواعد القيد والإفصاح وإعداد التقارير الدورية وتقديم الإستشارات والدعم ومعاونة الشركة في مراحل استكمال رأسمالها حتى تصل إلي الحد الأدنى الذي يتيح لها توفيق أوضاعها لنقلها من بورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة NILEX إلي السوق الرئيسي للبورصة المصرية EGX.
ولكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات على تأسيس بورصة النيل لم تحقق بورصة النيل الأهداف التي أنشئت من أجلها حيث أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب المفهوم الحقيقي لبورصة النيل عند الشركات المقيدة حيث أن بورصة النيل هي في حد ذاتها سوق مؤقت وليس سوق دائم للشركات المقيدة به يستهدف إدراج به الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا يتخطى رأسمالها الـ100 مليون جنيه مصري بغرض منحها فرص للنمو ومساعدتها على التوسع والتطور السريع لحجم أعمالها مع وجود مؤسسة مالية متخصصة معها تساعدها وتعاونها كمطور ومسرًع للاعمال وهو مايطلق عليه “الراعي المعتمد لبورصة النيل” والذي يقوم بتطوير وهيكلة الشركة ووضع الأستراتيجيات وتنفيذها وخلق قيمة مضافة تمكن الشركة من الزيادة المتتالية لرأسمالها حتى يتخطى الـ100 مليون جنيه مصري لنقلها للسوق الرئيسي للبورصة المصرية وبالتالي فإن الهدف الرئيسي لبورصة النيل هو تطوير وتسريع أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة لتصبح شركات كبرى وليست سوق لتداول أوراق مالية فقط، ونجد أن الغياب التام لدور الراعي المعتمد مع غياب المفهوم الحقيقي لبورصة النيل أمام الشركات المقيدة وغياب الإجراءات المحفزة من حيث قواعد القيد والتداوال ساهم بشكل رئيسي في أن نجد أن حصيلة بورصة النيل بعد أكثر من عشرة سنوات من تأسيسها هي 26 شركة فقط مقيدة ومتداولة وأن يصبح متوسط حجم التداول بها ضعيف جداً بإنخفاض حاد في قيم السيولة ولايوجد أقبال من المستثمرين لشراء أسهم الشركات المقيدة بها مع وجود أسهم لم يتم التداول عليها لأكثر من ثلاثة أشهر ودخول الفئة المتلاعبة من المضاربين لهذا السوق والسيطرة عليه، لتتحول بورصة النيل من سوق للشركات الصغيرة والمتوسطة إلي سوق للمتلاعبين ليتم تصنيفه على أنه سوق عالي المخاطر منعدم السيولة لم يحقق المستهدف منه ولم يجذب الشركات الصغيرة والمتوسطة لقيد أسهمها به بسبب عدم وجود قصة نجاح لأياً من الشركات التي تم قيدها به بجانب المعوقات التي تعاني منها الشركات الراغبة في القيد في بورصة النيل من أرتفاع تكلفة القيد وطول فترة الإجراءات وتعدد جهات المراجعة والموافقة والإعتماد.
لذلك يجب القيام بالترويج الحقيقي والفعال لبورصة النيل ونشر مفهومها وقيام الحكومة بتوجيه الشركات الصغيرة والمتوسطة للقيد في بورصة النيل، وذلك من خلال استراتيجية واضحة تعتمد على ثلاثة محاور الأول: هو وضع محفزات من خلال إعفاء ضريبي للشركات المقيدة لفترة زمنية محددة من تاريخ القيد ومميزات وتسهيلات لتقديم خدمات هذة الشركات للجهات الحكومية ووضع حد أدنى لايقل عن 30% من إحتياجات الجهات الحكومية للخدمات والمنتجات والسلع يكون عن طريق الشركات الصغيرة والمتوسطة المقيدة في بورصة النيل؛ أما المحور الثاني: هو تحديد فترة زمنية منذ طرح الشركة في بورصة النيل حتى نقلها للسوق الرئيسي وهو الهدف الرئيسي من بورصة النيل هو طرح الشركات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها وتأهيلها وتطويرها لدخول السوق الرئيسي من خلال وضع خطة زمنية تلتزم بها الشركة المقيدة والراعي المعتمد وتعتمد مسبقاً من إدارة البورصة المصرية مع وضع مستهدفات زمنية يجب الوصول إليها من خلال الهيكلة التشغيلية وتنفيذ التوسعات الأستثمارية التي تسمح بالزيادة المتتالية على مراحل لرأس مال الشركة حتى تصل إلي حجم رأس المال الذي يسمح لها بدخولها السوق الرئيسي للبورصة المصرية، على أن يلتزم الراعي المعتمد للشركة المقيدة في بورصة النيل خلال هذه الفترة الزمنية بتقديم مجموعة متكاملة لعملية رعاية الشركة المقيدة في بورصة النيل تحت رقابة وأشراف البورصة المصرية، وفي حالة تأخر أو تقاعس الراعي المعتمد عن أياً من هذه المهام أو تسجيل أية مخالفة على الشركة المقيدة يتم معاقبة الراعي، وفي حالة أنتهاء الفترة الزمنية المحددة لتواجد الشركة في بورصة النيل دون توفيق أوضاعها لنقلها للسوق الرئيسي للبورصة المصرية يتم شطب الراعي المعتمد لها وتجبر الشركة المقيدة بالقيام بتقديم عرض شراء أجباري لكامل أسهمها والتخارج من بورصة النيل. أما المحور الثالث يختص بتطوير آليات القيد والتداول في بورصة النيل لتشجيع وتسهيل عملية قيد الشركات وتشجيع المستثمرين على الاكتتاب والتداول على أسهم شركات بورصة النيل من خلال تخفيض رسوم القيد وتخفيض الحد الأدنى لعدد المساهمين بعد الطرح وتخفيض الحد الأدنى الواجب أن يحتفظ بها المساهمين الرئيسيين بالشركة إلي ثلث إجمالي رأس مال الشركة أما بالنسبة لآليات التداول تخفيض فترة تسوية العمليات لأسهم بورصة النيل إلي اليوم التالي لتنفيذ التداول لتحجيم المخاطر أمام المتداولين.