يرتبطُ اسمُ الدينِ دوماً ( بالعقيدةِ )
لأنَّها كالعُقدةِ لا تنحلُ ، ولا يُسمَحُ بذلكَ أبداً ..
الثوابتُ هي الأساسُ ، الذي عليه يعلو البناءُ ، وبدونِها ينهدمُ كُلُّ شَئٍّ ..
وكم من أُناسٍ عاشوا وعملوا واجتهدوا وجاهدوا ، دونَ أنْ يكونَ لهم أساسٌ صحيحٌ يستندون إليه ، فخرجوا من الدُنيا خالين الوفاض ، بلا أجرٍ ، ولافضلٍ ولا ثوابٍ ، وتلكَ حسرةُ الحسراتِ ، ومصيبةُ المصائبِ ..
نحنُ لا نمتلكُ مفاتحَ الجنةِ والنارِ ، ولا نمنحُ صُكوكَ الغُفران ، نحنُ فقراءُ للهِ ، ضُعفاءُ أمامَه ، نرجو رحمتَه ونخافُ عقابَه .
لكنَّنا في الوقتِ نفسِه حريصون علي هَذَا ( الأساسِ ) الذي نبني عليه دُنيانا وآخرتَنا ، ولا نجرؤ علي فعلِ أمرٍ ، قد يُخرجُنا من الدينِ كُلِّه ، فالدينُ أمرٌ ، وليس رأياً ، وأمرُ اللهِ جَبرٌ ، وليس اختياراً ..
ولذلك هلكَ الشيعةُ ، إلا مَنْ رَحِمَ !!!
هلكَ القادحُون في التقيةِ النقيةِ ، أمِ المؤمنين عائشةَ ، رضي اللهُ عنها وأرضاها ..
هلكَ المتطاولون علي الأصحابِ الأخيارِ الأطهارِ ، سادتِنا وتاجِ رؤسِنا ، أبي بكر وعمرَ وعثمانَ..
لقد أجمعَ الأئمةُ علي خروجِ هؤلاءِ ( القادحين والمتطاولين ) من الملةِ ، فالمسلمون الصادقون ، لا يلعنُون أحداً ، خاصةً الخلفاءَ الراشدين المهديّين ، وأمهاتِ المؤمنين ..
إنَّ الشيعةَ ( المتطرفةَ ) فكرةٌ شيطانيةٌ ، صنعَها أبالسةُ السياسةِ ، والإسلامُ منها براءٌ .
والشيعةُ لفظٌ تغيرَ معناه عبرَ التاريخِ ، وانقسموا إلي ما يزيدُ عن سبعين فرقةً .
والبدايةُ كانتْ شيعةَ عليٍّ ، وشيعةَ معاويةٍ ، ولم يكنْ لها أيُّ مدلولٍ ، كانتْ فقط تعني ( أنصارَهم ) وكانوا جميعاً صحابةً وتابعين .
ثم شيعةُ الحُسين ، رضي اللهُ عنه وأرضاه ، وهم أيضاً صحابةٌ وتابعون .
ثم بدأت رحلةُ المغالاةِ ، مع ( الكيسانية ) في نهايةِ القرنِ الهجريِّ الأولِ ، حيثُ اتخذوا الإمامةَ بديلاً عن الخلافةِ ، ولا تكونُ عندَهم ، إلا في نسلِ علي ، رضي اللهُ عنه وأرضاه ، وتحديداً محمد ابن الحنفية ( من زوجةٍ أُخري غيرِ الزهراءِ فاطمةَ ، رضي اللهُ عنها وأرضاها ) ثم ( المختارية ) ثم في بدايةِ القرنِ الثانيِّ الهجريِّ ، زيدٌ ابنُ عليٍّ ( حفيدُ الحُسين ) الذي رأي أيضاً وجوبَ الإمامةِ في نسلِ عليٍّ ، لكنَّه كانَ يترضي علي أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ ، ويُجرمُ سبَهم ، واتهامَهم باغتصابِ الخلافةِ ، فرفضَ مجموعةٌ من أتباعِه هَذَا الأمرَ ومن هُنا كانتِ ( الرافضة ) ..
قُتلَ زيدٌ ، ونشأتِ في إثرِه ( الزيدية ) وهي طائفةٌ من الشيعةِ ، تُعدُ أقربَهم من السُنة ..
وتستمرُ الزيديةُ ١٢٠ سنةً ..
عندَهم عليٌّ ، الإمامُ الأولُ ، وأدعوا زوراً أنَّها وصيةُ النبيِّ ، صلي اللهُ عليه وسلمَ ، رغمَ أنَّه ( ص ) أوصي بأبي بكرٍ ..
والحسنُ ، الإمامُ الثاني ( رغمَ أنَّ علياً عندَ مماتِه قالَ لا آمرُكم ولا أنهاكم ) يعني ، اختاروا الحسنَ أو غيرَه .
وعندَهم الحسينُ ، الإمامُ الثالثُ ، رغمَ أنَّ الحسنَ تنازلَ لمعاويةَ ..
ثم عليٌّ ابنُ الحسين ( زينُ العابدين ) الرابع ، ثم محمد الباقر ، الخامس ، ثم جعفر الصادق ، السادس ( وهؤلاءِ الثلاثةُ من أعظمِ وأكرمِ وأصدقِ علماءِ الإسلامِ ، ولا علاقةَ لهم بأيةِ أفكارٍ منحرفةٍ ) إذ ظلموهم ونسبوا إليهم أقوالاً ، ما قالوها ..
ثم موسي الكاظم وإسماعيل ( ابنا جعفر الصادق )
طائفةُ موسي قالت : هو الإمامُ السابعُ ( الموسوية أو الاثنا عشرية ) ثم ذريتُه تباعاً ، إلي الابنِ المفقود ( محمدٌ ابنُ الحسنِ العسكري ، وهو الثاني عشر والأخير ، ومن هُنا كانت التسميةُ ) وقالوا عنه إنَّه دخلَ سرداباً ، وهو ابنُ خمسِ سنين ، ولم يظهرْ بعدَها ، وسيعودُ ( المهدي المنتظر ) !
وفي نظرِهم ، هؤلاءِ معصومون ، وما يقولونه ( تشريع ! ) ..
وطائفةُ إسماعيل ( الإسماعيلية ) وهؤلاءِ خرجَ منهم القرامطةُ و العبيديون ( الفاطميون ) والدروز و النصيريون ..
وهؤلاءِ الإسماعيلية ، منهم الحشاشون ..
الاثنا عشرية هم الفئةُ الغالبةُ من الشيعةِ ، يُكفرون الصحابةَ ، ولا يعترفون بالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وكلِ كُتبِ الُسنةِ ..
يتقولون علي الأصحابِ الأطهارِ ، ويتخذون التقيةَ منهاجاً ( إذ قالوا : عليٌّ أقرِ بخلافةِ أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وهو غيرُ مقتنع ! ومن هُنا جاءتِ الكلمةُ ) .
عندَهم عقيدةُ ( الرجعة ) بمعني أنَّ جميعَ الأئمةِ سيعودون للدُنيا !
وعندَهم عصمةُ الأئمةِ من الكبائرِ والصغائرِ ، ويرونهم أفضلَ من الملائكةِ ..
جاهدَ الراحلُ حسن نصر الله ، وقدمَ صورةً عظيمةً للبطلِ المقاتلِ المرابطِ ، كم تحمسنا معه ، وتفاخرنا به ، واليومَ نحزنُ لفقدِه ونترحمُ عليه ، ونلعنُ قاتليه ..
كنتُ أتمني بقاءَه ، وكنتُ أتمني ألا يكونَ من غُلاتِهم ، وقلبي يُحدثُني بذلك !
الشيعةُ أهلُ فارس ، وأصدقاء أمريكا والكيانِ الصهيونيِّ ، وإن أظهروا عكسَ ذلك ..
لا إيران ستنتقمُ ، هي فقط تصرخُ كاذبةً ، وتُقدمُ القرابينَ !!
ولا أمريكا ستضربُ إيرانَ !! فهي الصديقةُ الحليفةُ !!!
وهؤلاءِ الشيعةُ ، إلا مَنْ رَحِمَ ربي ، لو تمكنوا من أهلِ السُنةِ والجماعةِ ، لاستحلوا منهم ، ما لم يستحلْه الكفارُ أنفسُهم ..
لا تنتظروا منهم نصراً ..
ورغمَ ما تقدمَ ، تبقي كلمةٌ مهمةٌ ، تنقسمُ قسمين :
الأولُ : ما سبقَ ، وصفٌ لغُلاةِ الشيعةِ ، وليس لكُلِّ الفرقِ ، إذ يقيناً منهم المعتدلون المتوافقون تماماً مع أهلِ السُنةِ والجماعةِ ، أو المختلفون في فرعياتٍ بسيطةٍ ، لا ترتقي لمستوي هدمِ الثوابتِ ..
والثاني : مصلحةُ الأمةِ ، وأخلاقُ الدينِ نفسِه تستوجبُ وحدةَ الصفِ ، ولمَ الشملِ ، ونبذَ الخلافِ ، والتقريبَ بينَ الناسِ ، ماداموا جميعاً مسلمين ، وهكذا يُعلنون ، فاللهُ وحدَه الأعلمُ بما في القلوبِ ، وليسَ لنا إلا التسليمُ بما نراه ، والعملُ وفقاً له ، خاصةً مع قناعتنا التامةِ ، بأنَّ التأجيجَ المستمرَ للخلافَ بين السُنةِ والشيعةِ ، والذي يصلُ كثيراً لمستوي التناحرِ والصراعِ ، هو ما يبحثُ عنه أعداءُ الأمةِ ، ويصنعون في سبيلِ تحقيقِه المستحيلَ ..