أعتبر هاني دنيا خبير تكنولوجيا المعلومات والمتخصص في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ان العالم على أعتاب ثورة جديدة , ثورة الذكاء الإصطناعي AI revolution, مشيرا الى ان انتشار برامج الذكاء الإصطناعي في العديد من المجالات يمثل عتبة العصر الجديد ومجرد بداية لثورة الذكاء الإصطناعي والتي ستشهد تاثير تحويلي على مختلف جوانب المجتمع والصناعة والحياة اليومية.
وأكد دنيا خلال لقاءه مع برنامج أوراق اقتصادية بقناة النيل للأخبار على ان ثورة الذكاء الإصطناعي التي يقف العالم على أعتابها يجب آلا تثير المخاوف بقدر ما تثير الفرص ؛ بل ينبغي استخدامه كميزة لتحقيق التقدم من خلال نماذج التعلم الكبيرة (LLM)، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد بطرق مختلفة على تحسين حياة الناس بطرق لم تكن ممكنة من قبل فمثلاً، يُمكن للذكاء الاصطناعي تحسين الرعاية الصحية من خلال التشخيص المبكر للأمراض وتقديم خطط علاج شخصية، وتحسين التعليم عبر توفير تجارب تعلم مخصصة لكل طالب، وتعزيز الأمان في وسائل النقل من خلال السيارات الذاتية القيادة خاصة و إن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة للابتكار والتنمية.
وشرح خبير الذكاء الإصناعي والأمن السيبراني الاتاحات التي تقدمها تكنولوجيات ثورة الذكاء الإصطناعي حيث يمكنه تحليل البيانات الكبيرة والمعقدة بطرق فعالة ومبتكرة، مما يتيح استخلاص رؤى قيمة وتحقيق تقدمات كبيرة في مختلف المجالات فيمكنه مثلا تحليل الصور الطبية والبيانات الصحية لتشخيص الأمراض بدقة عالية, كما يساعد في تسريع عملية اكتشاف الأدوية من خلال تحليل البيانات البيولوجية والكيماوية الكبيرة , كما يمكنه تحسين الكفاءة من خلال تحليل البيانات اللوجستية وتوقع الطلبات.
واشار ايضا الي استخدامات البيانات البيئية لمراقبة التغيرات البيئية والتنبؤ بالكوارث الطبيعية , والمساعدة في تحسين إنتاجية المحاصيل من خلال تحليل البيانات المناخية والتربة.
وكشف هاني دنيا عن ان الدول تتعدد مستويات استفادتها بالذكاء الإصطناعي , ويأتي في مقدمتها عملية التنسيق العمراني للمشروعات ؛ حيث تتيح تكنولوجيات الذكاء الإصطناعي للمؤسسة خيارات متعددة للمشروع التنموي مثل الكباري والتي تحقق اكبر فائدة اجتماعية وأقل تكلفة سواء على مستوى البناء او التشغيل او التكاليف التشغيلية غير المباشرة مثل تخفيض معدلات الاستهلاك القومي للوقود مع المساعدة في تقليل نسب الحوادث.
وتطرق حوار دنيا الى قضية جاهزية الدول والموسسات لثورة الذكاء الإصطناعي ؛ حيث تكمن تكمن أهمية المتطلبات الأساسية للذكاء الاصطناعي، مثل تصنيف البيانات Data Classification وإدارة الأذونات permission management بشكل صحيح، في ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال وآمن. يعتبر تصنيف البيانات خطوة حيوية لفهم وتحديد البيانات الحساسة والمهمة، مما يساعد في تحليلها بفعالية وضمان حماية المعلومات الحساسة. بالإضافة إلى ذلك، تضمن إدارة الأذونات بشكل صحيح أن الوصول إلى البيانات مقصور على الأشخاص المصرح لهم فقط، مما يحمي البيانات من الوصول غير المصرح به ويعزز الأمان العام للنظام , مما يدعم اتخاذ قرارات مستنيرة ويحمي حقوق الخصوصية والأمان.
كما أشار هاني دنيا إلى أهمية الترابط بين مراكز البيانات المختلفة وأثره في تعزيز صناعة القرار عبر آليات الذكاء الاصطناعي؛ حيث اقترح أن تستفيد الدولة من مراكز البيانات التي تم إنشاؤها في العاصمة الإدارية الجديدة لاستضافة جميع البيانات الوطنية بشكل موحد مشيرا إلى ان هذا التوحيد سيساهم في ربط كافة أنواع البيانات ومواقعها المختلفة، مما يدعم برامج الذكاء الاصطناعي في توليد بدائل قرارات معقدة في العديد من المجالات.
وأكد هاني دنيا أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود حاليًا ثورة الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، سواء من حيث مراكز البيانات أو برامج الذكاء الاصطناعي أو المعالجات (GPUs) التي تدعم بيئات العمل للذكاء الاصطناعي حيث تتصدر شركات مثل إنفيديا، ومايكروسوفت، وChatGPT عمليات التطوير في هذا المجال وأشار إلى أن الصين تحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة في قيادة الذكاء الاصطناعي، تليها المملكة المتحدة، بينما تسجل كندا حضورًا متميزًا في هذا المجال من حيث عدد الأبحاث العلمية المنشورة.
وعلى مستوى العالم العربي، أكد هاني دنيا أن الإمارات العربية المتحدة تتصدر الدول العربية في الجاهزية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وفقًا لمؤشرات Oxford Insights AI Readiness Index حيث تولي الإمارات أهمية قصوى للذكاء الاصطناعي إلى درجة تأسيس وزارة ووزير للذكاء الاصطناعي وتليها المملكة العربية السعودية، التي أنشأت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) كجزء من هدف قومي للتحول إلى واحدة من أهم 15 دولة في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي حيث تسعى كلا الدولتين إلى تعزيز قدراتهما في هذا المجال من خلال استثمارات كبيرة ومبادرات استراتيجية تهدف إلى تطوير البنية التحتية التكنولوجية وتبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة في الإمارات، حيث تتضمن المبادرات استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031، والتي تهدف إلى تحسين أداء الحكومة وخلق بيئات عمل مبتكرة حيث في السعودية، تسعى رؤية 2030 إلى تحقيق الريادة في الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير المواهب المحلية وتشجيع الابتكار في المجالات التقنية.
أكد خبير تكنولوجيا المعلومات على ضرورة أن تقوم الدولة المصرية بإشاعة استخدامات الذكاء الاصطناعي كمرحلة أولى لتطوير مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي، يليها التحول إلى مركز لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي وأدواته وبنيته التحتية وتصديرها مشيرًا إلى أن الدولة المصرية أنشأت المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي لوضع خطة قومية متكاملة نستهدف من خلالها رسم ملامح الطريق لتوطين صناعة الذكاء الاصطناعي وتعزيز دور مصر الريادي على المستوى الإقليمي لتكون طرفًا فاعلًا في هذا المجال عالميًا.
كما أصدرت الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي بهدف استخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر بما يعود بالنفع على جميع المصريين وأطلقت مصر الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي المسؤول (Egyptian Charter for Responsible AI) الذي حظي بترحيب كبير، مما يعزز التزام الدولة بتطبيق الذكاء الاصطناعي بطرق مسؤولة وأخلاقية.
تملك مصر العديد من المبادرات الناجحة لنشر الذكاء الاصطناعي، ومن أبرزها منحة وزارة الاتصالات، التي تعتبر من أنجح المبادرات على مستوى المنطقة، حيث تتيح التدريب على الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ومن بين المبادرات الناجحة الأخرى، مبادرة “أشبال مصر”، التي تهدف إلى إعداد جيل متميز من النشء قادر على اكتشاف آفاق جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ليصبح مؤهلًا لمجتمع مصر الرقمية ومواكبة المستقبل.
هذه الخطوات والمبادرات تعكس التزام مصر بتعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب وتطوير البنية التحتية، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
و طالب هاني دنيا بضرورة تحديث شبكات الاتصالات المصرية وتطويرها وتعزيز سرعات الإنترنت لتصبح منافسة دوليًا، ودعم وتشجيع البحث العلمي في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
وأكد دنيا أن نشر الأوراق البحثية في مجلات علمية مرموقة سيسهم في تعزيز مكانة مصر في المنطقة كما دعا إلى دعم منحة وزارة الاتصالات الناجحة وزيادة أعداد المقبولين فيها، مبينًا أن هذه الخطوات ستجعل مصر قادرة على تصدر سباق تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتطوير التكنولوجي الرقمي ليس فقط في المنطقة ولكن على مستوى العالم. وحذر من أن عدم وضع قضية السبق في الأولويات سيؤدي إلى تعميق تأخر الدولة في مجالات ثورة الذكاء الاصطناعي.
وأكد دنيا أن الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات وزيادة سرعات الإنترنت هو أساس التقدم في مجالات التكنولوجيا الحديثة، مما سيتيح لمصر الفرصة لتكون مركزًا إقليميًا رائدًا في الابتكار والتطوير التكنولوجي.
ودعا هاني دنيا إلى ضرورة الاستفادة من الخبرات العالمية والشراكات الدولية لتسريع عملية التحول الرقمي وجعل مصر تنافس على الساحة العالمية في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.