أعلن الدكتور محمد عمران – رئيس هيئة الرقابة المالية عن الانتهاء من تنفيذ اختبار تحليل الإجهاد المالي أو ما يعرف بـالـ Stress Testing والتي استمرت مدة أربعة أشهر منذ إبريل الماضى لقياس مدى تحمل شركات القطاع المالي غير المصرفي للصدمات المالية الناتجة عن الآثار الاقتصادية لانتشار فيروس كورنا المستجد من حيث مدى التأثير على إيرادات والتزامات تلك المؤسسات وملاءتها المالية، وحجم المخاطر التي تواجهها.
وقال رئيس الهيئة أن نتائج الاختبار وتحليل السيناريوهات قد أظهرت قوة ومتانة المركز المالي لشركات القطاع المالي غير المصرفي، إلا أنه قد سلط الضوء على بعض الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار خلال الفترة القادمة مثل ضرورة قيام الوحدات العاملة في القطاع على تطوير خطط استمرارية الأعمال ودعم توجه الشركات نحو مزيد من التحول الرقمي في تنفيذ الأعمال في ظل معايير التباعد الاجتماعي، واتجاه معظم دول العالم لتغيير نمط أداء الأعمال، بالإضافة إلى أن نتائج الاختبارات قد أظهرت ضرورة المتابعة المستمرة لبعض الشركات ممن هم أكثر عرضة لمخاطر تأثر ملائتها المالية وتحديد مدى احتياجها لزيادة رؤوس أموالها في العامين المقبلين.
ولفت د. عمران إلى أن الهيئة سعت إلى تنفيذ اختبار الإجهاد وتحليل السيناريوهات –لأول مرة-كخطوة في مشوار تنفيذ أحد أهم محاور استراتيجيتها الشاملة لتطوير الأنشطة المالية غير المصرفية (2018-2022) والذي يركز على بناء منظومة متكاملة لإدارة الأخطار وخلق آلية للإنذار المبكر فعالة وكاشفة لوضعية الاستقرار المالي لشركات القطاع المالي غير المصرفي، وتعمل على التنبؤ المبكر بالأزمات التي قد تؤثر على أداء هذا القطاع الحيوي في أداء مهامه الرئيسية في توفير التمويل والحماية للاقتصاد الوطني.
وفى سبيل تحقيق منظومة الإنذار المبكر فقد استهدفت الهيئة مساعدة القطاع المالي غير المصرفي في فهم الأخطار الناشئة وكيفية التعامل مع الأزمة الحالية على مستوي كل شركة، وتوجهات إداراتها لوضع الحلول اللازمة لمواجهة التحديات الناشئة عن تلك الأزمة سواء في المدي القريب أو البعيد، وتقدير الخسائر المحتملة للقطاع المالي غير المصرفي في ضوء المخاطر الناشئة جراء جائحة فيروس كورونا المستجد، وتحديد ما إذا كانت المخاطر المالية الناشئة قد تتطلب إجراءً رقابياً سواء كان وقائياً أو علاجياً للأثار السيئة المحتملة من عدمه.
وبحسب عمران فإن الهيئة حرصت على تكوين رؤية واضحة وتكاملية عن مدي تأثر الملاءة المالية والقاعدة الرأسمالية للوحدات العاملة في القطاع المالي غير المصرفي بالمخاطر الناشئة والمرتبطة بالإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا الوبائي، واستهداف السيناريوهات المتفائلة والمعقولة، مع الإدراك الكامل بأن السيناريوهات المتشائمة قد تكون خارج الواقع الحالى للشركات.
كما أن الرقابة المالية قد بادرت لأول مرة في تاريخها، بتنفيذ اختبار إجهاد وتحليل سيناريوهات لقياس مدى تأثير تلك الجائحة على القطاع المالي غير المصرفي، وكيفية تقليل أثر المخاطر المرتبطة بالجائحة مستفيدة من أهم دروس تجربة الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009 بتطبيق إختبارات التحمل على القطاع المالي المصرفي بعد الأزمة ونجحت إلى حد كبير في وضع آليات لمعالجة تداعيات الأزمة المالية حينئذ.
وأوضح رئيس الهيئة أن نطاق تطبيق الاختبار امتد ليشمل جميع شركات التأمين بنوعيها سواء تأمينات الحياة أو الممتلكات والمسئوليات. وبالنسبة لسوق المال فقد شمل تطبيق الاختبار مشاركة 10 شركات من كبريات شركات إدارة الأصول والتي تمثل 60% من سوق إدارة الأصول. كما تم تطبيق الاختبار على 80% من شركات التمويل العقاري تمثل 97% من حجم النشاط، و67% من شركات التأجير التمويل تمثل 85% من حجم النشاط، و60% من شركات التخصيم تمثل 88% من حجم النشاط. في حين شمل تطبيق الاختبار على شركات وجهات التمويل متناهي الصغر عدد (18) جهة موزعين بين 6 شركات و8 من الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الفئة (أ)، و4 من الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الفئة (ب)، وتبلغ الحصة السوقية لتلك الجهات مجتمعة نحو 85% من حجم نشاط التمويل متناهي الصغر.
وأضاف د. عمران أن الهيئة اتبعت في منهاجيتها عند تصميم نماذج السيناريوهات التدرج بدءً من السيناريوهات الأساسية ثم المتفائلة ثم المتشائمة، وقد ركزت نماذج السيناريوهات على قياس تأثر مؤشرات الملاءة المالية والسيولة والربحية والكفاءة التشغيلية نتيجة المخاطر الناشئة والمرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد، ولقد اختلفت هيكل نماذج الاختبارات وفقاً لاختلاف طبيعة النشاط، وأخذاً في الاعتبار تحديد أهم أكبر عوامل المخاطر تأثيراً على أداء كل نشاط.
ففي نشاط التأمين تم تصميم عدد 6 نماذج للسيناريوهات، حيث اهتمت السيناريوهات الأساسية بقياس تأثير عوامل المخاطر الاقتصادية مثل معدلات الفائدة وانخفاض مؤشرات بورصة الأوراق المالية وارتفاع معدلات تعثر معيدي التأمين، وزيادة تعاملات المدينين. وتم استخدام تلك النماذج بإضافة عوامل المخاطر المرتبطة بالنشاط التأمينى مثل زيادة حجم التعويضات وزيادة معدلات إلغاء وتصفية الوثائق، وكذلك انخفاض التعويضات المستردة من معيدي التأمين. وكشفت النتائج عن مستوى مخاطر منخفض لتهديد ضعف معدلات الملاءة المالية، ومستوى خطر متواضع لعامل ضعف معدلات السيولة ومستوى خطر مقبول الى حد ما لعامل تراجع الربحية والفائض، ومستوى خطر متواضع لتهديد ضعف معدلات السيولة، وبالنسبة لانخفاض الكفاءة التشغيلية فقد كان عند المستوى المعتدل.
وفي مجال سوق رأس المال فقد تم تصميم 9 نماذج للسيناريوهات اهتمت بقياس تأثير عوامل المخاطر مثل معدل نمو الناتج المحلى الأجمالى ومعدلات الفائدة ومعدلات التضخم، وتراوحت السيناريوهات لتلك المخاطر بين الافتراض الواقعي والمتفائل والمتشائم. واوضحت نتائج السيناريوهات أن التغير في معدلات الفائدة بمعدل 100 نقطة أساس ينتج عنه أن 90% من الشركات لن تواجه اى مخاطر بينما 10% منها قد تواجه مخاطر معتدلة حال تغير هذه المعدلات بالإيجاب. أما في حالة تغيرها بالسلب فإن 20% من هذه الشركات قد تواجه مخاطر متوسطة و20% قد تواجه مخاطر معتدلة.
وفي مجالات منح التمويل (العقاري والتأجير التمويلى والتخصيم)، فقد تم تصميم 3 سيناريوهات تتراوح بين السيناريو الأساسي ثم المتوسط ثم الأكثر تشاؤما، وذلك لقياس عوامل مخاطر تأثر الملاءة المالية وانخفاض معدلات السيولة المالية. وكشفت نتيجة السيناريوهات أن تأثر الملاءة المالية لشركات التمويل جاءت مخاطره بالمستوى المعتدل، في حين جاءت نتيجة سيناريوهات تأثر معدلات السيولة واحتمالات العسر المالي بمخاطر مقبولة لحد ما.
وفي مجال التمويل متناهي الصغر، فقد تم تصميم 3 سيناريوهات تتراوح بين السيناريو الأساسي ثم المتوسط ثم الأكثر تشاؤما طبقاً للمتغير، وأظهرت نتيجة السيناريوهات أن ضعف معدلات الملاءة المالية يمثل مستوى خطر المعتدل، وأن ضعف معدلات السيولة والعسر المالي كان مستوى الخطر مناسب، وتراجع مؤشرات الربحية والفائض كان مستوى الخطر به مقبولا لحد ما. أما الأخطار المتعلقة بانخفاض الكفاءة التشغيلية وتراجع جودة المحفظة وزيادة المخصصات فكانت مستويات الخطر بها اما منخفضة او مقبولة.
كما نوه رئيس الهيئة ان التقرير النهائي لاختبار الإجهاد للقطاع المالي غير المصرفي والتي تقع فيما يقرب من 100 صفحة سيتم نشرها قريبا على موقع الهيئة الإلكتروني وذلك لمزيد من الاطلاع والتحليل.