أصدرت “جيه إل إل” و”لاسال” أحدث نسخة من المؤشر العالمي لشفافية الأسواق العقارية والتي أظهرت أنه رغم تزايد التركيز على المسؤولية الاجتماعية للشركات وانتشار استخدام التقنيات الجديدة على نطاق واسع في قطاع العقارات التجارية، إلا إن هناك تباطؤاً في تحسن الشفافية منذ الفترة التي تلت الأزمة المالية العالمية مباشرة.
الارتقاء بمعايير الاستدامة
تعمل الأسواق الأفضل أداءً والتي صنفها المؤشر على أنها “شفافة للغاية”، ومنها المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا، على تعزيز معايير أفضل في الاستدامة، فعلى سبيل المثال، تصدرت فرنسا وأستراليا القائمة من حيث شفافية الاستدامة باعتبارهما أولى الدول التي تبنت مبادرات جديدة من قبيل معايير كفاءة المياه وأطر البناء المرنة. وعلى خطى هذه الأسواق، تبذل الدول التي حققت أعلى معدلات تحسن في تصنيفاتها جهوداً مماثلة. فعلى سبيل المثال، حققت أبوظبي تصنيفاً أعلى بفضل المبادرات الحكومية الرامية إلى تحسين استدامة الشركات والعقارات، وشهدت كوستاريكا مكاسب دعمتها التحسينات المستمرة في معايير الاستدامة، كما ساعدت بلجيكا في تعزيز تصنيفها المتطلبات الجديدة التي فرضتها على الشركات الكبرى لتنفيذ خطط عمل المناخ.
وتعليقاً على المؤشر، قال جيريمي كيلي، مدير قطاع الأبحاث العالمية لدى شركة جيه إل إل: “أصبحت الالتزامات نحو الاستدامة أكبر محرك للشفافية العقارية على صعيد العالم منذ عام 2018. ومع سير الشركات على طريق إظهار وبرهنة التزامها الثابت تجاه المسؤولية الاجتماعية للشركات، تزايدت، وبصورة طوعية دون إلزام، معدلات اعتماد التدابير البيئية والمجتمعية والإدارة الرشيدة علاوة على زيادة معدلات الاعتراف بضرورة إنشاء بيئة معمارية مستدامة”.
نمو اعتماد منصات التقنيات العقارية
أضحى حجم البيانات العقارية المتاحة في وقتنا الحالي بسبب زيادة اعتماد منصات التقنيات العقارية والأدوات الرقمية وتقنيات “البيانات الضخمة”، محركاً آخر من المحركات الرئيسية التي تسهم في تعزيز الشفافية. وتأكيداً على ذلك، فقد تم جمع الأبحاث الخاصة بالمؤشر العالمي لشفافية الأسواق العقارية في الأيام الأولى من أزمة فيروس كورونا المستجد. ورغم أن أسواق العقارات لطالما واجهت تحديات وصعوبات في تنفيذ التقنيات الحديثة، إلا إن جائحة فيروس كورونا أدت إلى تسريع جمع الأنواع الجديدة من البيانات غير القياسية وعالية التردد لا سيما تلك البيانات المتعلقة بالصحة والتنقل واستخدام المساحات، ونشرها في وقت قريب من الوقت الحقيقي، إذا أدت تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد إلى تسريع وتيرة الرقمنة وتحفيز الابتكار في استخدام التقنية بسبب الحاجة إلى بيانات دقيقة وسرعة توافرها.
وأظهر المؤشر أن أعلى مستويات اعتماد واستخدام التقنيات العقارية كان في الأسواق “الشفافة للغاية”، مثل فرنسا وهولندا وأستراليا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة، وأيضاً أسواق آسيا والمحيط الهادئ ذات الدخل المرتفع، مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. وقد تميزت أيضاً وبشكل ملحوظ العديد من الأسواق الناشئة الأقل شفافية والأكبر حجماً في اعتماد التقنيات العقارية، ومن بين هذه الأسواق الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وبر الصين الرئيسي.
آسيا تشهد معظم معدلات التحسن التي شهدتها شفافية الأسواق
جاءت أسواق جنوب وجنوب شرق آسيا على رأس قائمة الدول التي تقدمت على مؤشر استطلاع الشفافية لهذا العام، وحققت الهند أعلى نسبة تقدم على المؤشر في المنطقة مع تحسن إطار صندوق الاستثمار العقاري الهندي ونجاحه في استقطاب أكبر من اهتمام المؤسسات الاستثمارية. كما تصدرت الهند قائمة أفضل 20 دولة لشفافية الاستدامة وهي تعمل باستمرار على طرح وتقديم لوائح ومعايير للاستدامة.
وشهدت أيضاً تايلاند وفيتنام والفلبين وإندونيسيا تحسناً على مؤشر الشفافية، مما ساهم في تحول أسواقها العقارية تدريجياً إلى أسواق أكثر قابلية للاستثمار، مما دفع المدن الكبرى التايلندية والفيتنامية على وجه الخصوص لاعتلاء مرتبتي “الشفافة” و “شبه الشفافة” على التوالي.
ويُعد بر الصين الرئيسي أحد أكبر المناطق التي شهدت تحسناً على المؤشر هذا العام مع انتقال شنغهاي وبكين إلى مرتبة “الشفافة” لأول مرة في تاريخ هذا المؤشر. وحققت المدن الرائدة في الصين أعلى معدلات تحسن على مؤشر الشفافية على صعيد العالم خلال الاثني عشر سنة الماضية، وهي تجني الآن ثمار ذلك مع نجاح شنغهاي عاماً بعد عاماً في حجز مكانها بين أكبر خمس مدن في العالم للاستثمار عبر الحدود. ويعتبر دعم زخم الشفافية واحداً من قطاعات التقنية العقارية المزدهرة الذي يتبنى اعتماد الاستدامة بشكل أوسع وتنسيق تخطيط استخدام الأراضي على نحو أفضل.
وفي ظل الضغوط المتزايدة من المستثمرين والشركات والمستهلكين، ينبغي أن تشهد شفافية القطاع العقاري تحسناً أكبر وأسرع حتى يتمكن القطاع من منافسة فئات الأصول الأخرى وتلبية التطلعات الهائلة حول دور القطاع في توفير بيئة معمارية مستدامة ومرنة وصحية.
وختاماً، أشار جيريمي: “في ظل انتشار الابتكار في استخدام التقنيات الحديثة على نطاق واسع، والتطورات في المشهد التنظيمي، وإن كان ذلك يرجع في بعض أسبابه لجائحة فيروس كورونا المستجد، سيتعين على قطاع العقارات تعزيز التعاون مع الحكومات والمجتمع من أجل تحقيق قدر أكبر من الشفافية”.