مدير التحرير

وفاء رمضان
Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

مدير التحرير

وفاء رمضان

ما بعد الجائحة.. عصر اقتصادي جديد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

يتعين على التوقعات الخاصة بالتعافي والانتعاش الاقتصادي ما بعد الجائحة أن تكون واقعية غير مفرطة في التطلع، لكن وعلى الرغم من ذلك يمكن لعدد كبير من دول مجلس التعاون الخليجي التفاؤل بأدائها في عام 2021.

أعادت الاضطرابات التي شهدتها الاقتصادات والأسواق المختلفة بسبب انتشار فيروس كوفيد -19 تعريف المشهد العام عالميا وفي دول مجلس التعاون الخليجي، ومع التأثير الكبير للأزمة على كل المؤسسات، فإن توقعات النمو غير المتفائلة تقر بعدم إمكانية حدوث تعافي ملحوظ حتى عام 2021.

وتؤكد الأرقام والدراسات الأخيرة من أبردين ستاندرد إنڤسمنتس العالمية بأنه ومع ذلك، تظهر عدد من دول مجلس التعاون الخليجي مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية في وضع جيد، بما يضمن أن يصبح هذا التعافي والانتعاش حقيقة واقعة، حيث ستقوم صناديق الثروة السيادية القوية (SWFs) بدور حيوي في مساعدة الاقتصادات على الانتعاش.

فقد تأثرت توقعات النمو في الشرق الأوسط بالإغلاق الاقتصادي الذي تسببت فيه الجائحة، كما كان الحال في مناطق أخرى من العالم، وأدت هذه الظروف غير المسبوقة إلى تقلب أسعار الأصول وانخفاضها، وانهيار أسعار النفط، وتراجع معنويات المستثمرين، وتضائل الإنفاق الاستهلاكي وما تبع ذلك من تداعيات نقدية ومالية.

وفي معرض تحليل ما يعيشه العالم؛ وصف معهد التمويل الدولي الوضع الحالي بأنه أكبر تحد اقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي في تاريخها[1]، واستُتبع هذا التحليل بمجموعة من التوقعات الاقتصادية عن الوضع الاقتصادي لهذه الدول.

وبحلول أبريل، خالف صندوق النقد الدولي (IMF) توقعاته السابقة -ما قبل الجائحة- للناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 في المنطقة والتي قدرت نموا بنسبة 2.5 ٪، بحيث توقع الصندوق انكماشا بنسبة 2.8 ٪ لهذا العام[2]. وفي نفس الوقت، توقع معهد التمويل الدولي انخفاضًا بنسبة 4.4 ٪ خلال العام الحالي[3]، مع انخفاض بنسبة 5.3 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي للنفط، بالنظر إلى اتفاقية أوبك + لخفض الإنتاج، ومتوسط انكماش بنسبة 3.8 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي من الصناعات المحلية غير النفطية.

كما أدى التأثير المُثبط لأزمة كوفيد -19 والتوقعات المستقبلية للنفط إلى ارتفاع تصنيفات وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية إلى أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي ستعاني عجزًا ماليًا يتراوح بين 15٪ و25٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام [4]2020.

ويشير إدريس الرفيع، رئيس شركة “أبردين ستاندرد إنڤسمنتس” ASI في الشرق الأوسط وأفريقيا، بأن ثمة شعور بضغط على الموارد المالية بشكل عام من خلال تخفيضات الإنفاق فيما يتعلق بالبنية التحتية ومشاريع الاستثمار الرأسمالية الأخرى. وتشكل زعزعة ثقة المستثمرين التي تسبب فيه الوضع الراهن تهديدًا للمجالات الاقتصادية الأخرى في المنطقة، بما فيها الإنفاق الاستهلاكي والعقارات والسياحة. لذا يجب على دول مجلس التعاون الخليجي الانتظار والترقب، إلى جانب القطاعات غير النفطية الرئيسية الأخرى القائمة مثل التجارة والضيافة والخدمات اللوجستية.

وأضاف الرفيع: ” تصديقاً لما ذكرته سابقاً؛ زار 1.4 مليون سائح صيني دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2018، وكان يتوقع لهذا الرقم أن يرتفع إلى 2.2 مليون سائح بحلول عام [5]2023. وعادة ما يزور 9 ملايين شخص المملكة العربية السعودية للحج[6]، لذا سيكون لحظر السفر آثار بعيدة المدى على الدول التي اعتادت على الحصول على عوائد منه”.

“واستجابت جميع دول مجلس التعاون الخليجي للأزمة بعمل محفزات اقتصادية – تتراوح بين تخفيض الإنفاق العام، وتخفيض رواتب الموظفين الحكوميين، وعمل تسهيلات في سداد القروض للشركات بعدم مطالبتهم بالسداد لفترات، وزيادة الإنفاق الصحي ودعم الرواتب للقطاع الخاص. وقد بلغت هذه الباقات الاقتصادية -حتى الآن- أكثر من 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الكويت والإمارات، وأكثر من 7٪ في المملكة العربية السعودية[7]“.

تحديد معالم الأوضاع خلال 2021

يتوقع المتابعون للسوق العام المقبل إلى حدوث الانتعاش الاقتصادي، ويعزز هذه التوقعات بتخفيضات إنتاج النفط إلى حد ما واستئناف الطلب من المستهلكين الذي سيقود النشاط في القطاعات غير النفطية.

وبشكل خاص؛ تعتبر كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت في وضع جيد يناسب هذه التوقعات المتفائلة، حيث يمكنهم إدارة عجز كبير نسبيًا بسبب الأصول الخارجية العامة التي يملكونها.

حيث تبلغ إجمالي الأصول الخارجية العامة حوالي 2.6 تريليون دولار، في كل دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى صناديق الثروة السيادية (SWFs) التي تدير ما يقرب من 70 ٪ منها، والمتنوعة عبر الأسهم العامة والدخل الثابت.

وقد حدد تقرير حديث صادر عن معهد صندوق الثروة السيادية (SWFI) أكبر 10 صناديق ثروة سيادية في العالم، حيث حلت هيئة أبوظبي للاستثمار في المرتبة الثالثة (579.6 مليار دولار في الأصول)، وحل صندوق هيئة الاستثمار الكويتي في المركز الرابع (533.6 مليار دولار)، واحتل صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية المرتبة التاسعة (360.0 مليار دولار)[8]. ووفقًا لتصنيف فيتش، بلغت نسبة صافي الأصول الخارجية السيادية إلى الناتج المحلي الإجمالي اعتبارًا من عام 2019 حوالي 470٪ في الكويت، و230٪ في أبوظبي، و 70٪ في السعودية[9].

وسلط بحث معهد التمويل الدولي الضوء أيضًا على النظم المصرفية السليمة في دول مجلس التعاون الخليجي، مدعومة برسملة قوية، وسيولة كافية ومستويات منخفضة نسبيًا من القروض المتعثرة.

في انتظار الخطوة التالية

تعتمد وتيرة ومدى الانتعاش والتعافي الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي على الخطوات الاستباقية للحكومات، فيما يتعلق بالبرامج والحوافز لدعم الاقتصادات الأوسع، وخاصة الاستهلاك.

كما يعزز ذلك بدوره من إمكانات صناديق الثروة السيادية في المنطقة لتقديم دعم إضافي لاقتصاداتها، والدفع بالجهود الحالية لمساعدة البنوك المحلية والقطاعات الخاصة على مواجهة الأثار التي خلفتها أزمة كوفيد-19.

فيسبوك
تويتر
واتسآب
إيميل
طباعة

أقرأ ايضاً