مدير التحرير

وفاء رمضان
Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

مدير التحرير

وفاء رمضان

“الحد من الانبعاثات الكربونية: دور الغاز في مستقبل قطاع الطاقة”

 

تشير التوقعات إلى استمرار أعداد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنمو بوتيرة أسرع من المعدل العالمي في المستقبل المنظور، حيث أشارت الإحصائيات إلى وجود 448 مليون نسمة في هذه المنطقة في عام 2018، مع توقعات بوصول العدد إلى 719 مليون نسمة بحلول عام 2050. ولاتزال بعض دول المنطقة، مثل العراق، تستعيد عافيتها عقب فترات طويلة من الصراعات التي شهدتها، في حين تحرص الاقتصادات الأكثر تقدماً، مثل تلك في دول مجلس التعاون الخليجي، على تنويع قاعدتها الصناعية.

ويشير جوزيف أنيس، الرئيس والمدير التنفيذي لدى “جنرال إلكتريك لطاقة الغاز” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا بقوله: “في إطار مساعيها للمضي قدماً في مسيرة النمو والتقدم، تعمل حكومات المنطقة على استكشاف فرص تعزيز بنيتها التحتية العامة، وتحاول تحقيق التوازن بين الاحتياجات المتنامية على مصادر الطاقة الموثوقة ومخاوف التغير المناخي وأهداف الاستدامة. ونتيجة لذلك، يدخل قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرحلة تحول كبير. ومن المتوقع لمحطات توليد الطاقة العاملة بالغاز أن تلعب دوراً حيوياً في المساعدة بتقليل الانبعاثات واستكمال تنمية مشهد الطاقة المتجددة مع طاقة الحمل الأساسي التي تمتاز بالكفاءة والمرونة والموثوقية، والمضي قدماً في جهود التحول”.

وجرى مناقشة هذه التوجهات خلال ندوة عبر الإنترنت نظمتها “جنرال إلكتريك للطاقة: تحت عنوان: “الحد من الانبعاثات الكربونية: دور الغاز في مستقبل قطاع الطاقة”. وضمت قائمة المتحدثين خلال الندوة عبدالرحمن الخالدي، مدير قطاع التكنولوجيا في شركة “جنرال إلكتريك لطاقة الغاز” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا؛ وجاي دي ليوناردو، نائب الرئيس لمشاريع العملاء في شركة “جنرال إلكتريك لطاقة الغاز” ؛ وأميت كولكارني، نائب رئيس إدارة المنتجات في “جنرال إلكتريك، حيث ناقشوا مع الأطراف المعنية في قطاع الطاقة ثلاثة مواضيع رئيسية وهي: تطور مشهد الطاقة؛ ودور الغاز في الحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة؛ والتطورات التكنولوجية القادرة على دعم مستقبل منخفض الكربون.

تطور مشهد الطاقة
تشير “جنرال إلكتريك” بالتعاون مع محللين مستقلين إلى توقعات تفيد بأن تكلفة الطاقة المتجددة تصبح في المتناول يوماً تلو الآخر، وستكون أسرع ميادين الطاقة نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستزداد أهميتها في مزيج الطاقة العالمي بالمجمل. وبأخذ دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً، تستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 مزيج الطاقة الذي يضم الطاقة النظيفة بنسبة 44%، في حين وضعت الكويت هدفاً طموحاً لتلبية 15% من احتياجات الطاقة في أوقات الذروة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030. ومنذ نحو عقد من الزمن، لم يكن لأبرز منتجي النفط والغاز حول العالم حتى ليتخيلوا مثل هذه المستهدفات الطموحة.

وعلى أي حال، ستواصل عمليات توليد الطاقة الحرارية التي تتسم بالمرونة بتولي دور محوري لكنه متغير، لتشكل ما يصل إلى 60% من الطاقة المولدة عالمياً حتى عام 2028. ومن أبرز توجهات توليد الطاقة العالمية هو الانخفاض المتوقع في استخدام الفحم، واستمرار الغاز بالنمو، والذي من المتوقع أن يساهم بأكثر من خمس إجمالي الطاقة المولدة بحلول عام 2028.

دور الغاز في الحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة
ثمّة ثلاثة عناصر رئيسية في شبكة مستدامة للطاقة وهي: التكلفة؛ والموثوقية؛ والأثر البيئي. ومن المتوقع للغاز أن يلعب دوراً قوياً في مستقبل مزيج الطاقة، نظراً لقدرته على الحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة بتكلفة في المتناول، مع الاستمرار بتوليد الطاقة الموثوقة دون انقطاع.

بات الوصول إلى الغاز الطبيعي أكثر سهولة وأقل تكلفة من أي وقت مضى. وقامت 20 دولة حول العالم بتأسيس قدرتها على تسييل الغاز، وهنالك أكثر من 35 دولة تمتلك القدرة على إعادة تبخير الغاز المسال. وتبلغ الطاقة الإنتاجية عالمياً في الوقت الراهن 800 مليون طن من تبخير الغاز المسال سنوياً، و390 مليون طن من تسييل الغاز سنوياً. وقد أثمر تزايد توافر الغاز في تطبيق تحسينات على مستويي الكفاءة والإنتاج في تقنيات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز. وعلى سبيل المثال، تتوفر الآن تقنية التوربينات الغازية HA من “جنرال إلكتريك” المعززة بمستوى كفاءة يتخطى نسبة 64% في الدورة المركبة، ويقترب من 65% وهو ما كان أمراً مستحيلاً في السابق. وقد انتقلت أحجام كتلة محطة الطاقة الغازية التي تعمل بتوربينات F-class من 300 ميجاواط إلى ما يقرب من 850 ميجاواط وأكثر. وكان التأثير المالي لهذه التغييرات كبيراً، حيث انخفضت نفقات رأس المال من 900 دولار لكل كيلوواط في عام 2010 إلى 400 دولار لكل كيلوواط اليوم. وأثمرت الكفاءة العالية في تقليل استهلاك الوقود وانخفاض الانبعاثات لكل ميجاواط من الطاقة المولدة.

ويقدم التحول من وسائل توليد الطاقة القائمة على الفحم والنفط إلى مزيج الطاقة من الغاز والطاقة المتجددة مساراً واضحاً للحد من الانبعاثات الكربونية دون المساس بموثوقية وكفاءة توفير الكهرباء. وعادة ما تكون الطاقة المتجددة متقطعة في طبيعتها العملية، حيث تتفاوت شدة أشعة الشمس والمطر وسرعة الرياح على مدار اليوم، وكذلك بين كل فصل وآخر طيلة العام. وعلى الرغم من أن تخزين تلك الطاقة هو أمر ممكن، إلا أن حلول تخزينها مكلفة، بما يجعلها تفتقر للكفاءة الاقتصادية عند الحاجة لتطبيقها على نطاق واسع. ويكلف تخزين ما يعادل برميل واحد من النفط للطاقة من حلول تخزينها في البطاريات نحو 200 دولار. وعلى النقيض من ذلك، يكلف تخزين برميل واحد من النفط أو الغاز الطبيعي على نطاق واسع نحو دولار أمريكي واحد.

وإضافة لذلك، لا يمكن تخزين الطاقة الكهربائية بطريقة فعالة من حيث التكلفة بكميات كبيرة ولفترات طويلة من الزمن. وعلى سبيل المثال، فإن بطارية بقدرة تخزين 1 ميجاواط من الطاقة و4 ميجاواط ساعي من الطاقة القابلة للاستخدام، عادة ما تكون مدتها 4 ساعات. وهذا سبب آخر يجعل من تخزين البطارية مفيداً ولكنه ليس موثوقاً وغير قابل للتطبيق بسهولة مثل الغاز الطبيعي لاستكمال مصادر الطاقة المتجددة. ومن جانب آخر، فإن تقنية البطارية اليوم وفي المستقبل المنظور قد تكون اقتصادية في مناطق معينة، ولفترات قصيرة فقط. كما أن الغاز الطبيعي يكمّل مصادر الطاقة المتجددة التي توفر طاقة موثوقة وفعالة من حيث التكلفة عند الحاجة، طيلة اليوم ومع مرور الأيام والأسابيع والمواسم.

تقنيات طاقة الغاز القادرة على استشراف مستقبل منخفض الكربون
تطبيق الغاز في الحلول المتقدمة لتوليد الطاقة يمكن أن يساعد في تحسين أداء البنية التحتية القائمة في قطاع الطاقة وتقنياتها القادرة على تعزيز مستويات الكفاءة في منشآت توليد الطاقة الجديدة والارتقاء بها إلى مستويات استثنائية.

ويتوفر الآن تحديث لهذه الحلول، تعزز إنتاجيتها وكفاءتها وموثوقيتها ومرونتها ودورة حياتها، علاوة على إمكانية تطبيقها على التوربينات الغازية، في الوقت الذي تقلل فيه من استهلاك الوقود والأثر البيئي. وعلى سبيل المثال، تم تطبيق تحديث MXL2 في دولة الإمارات على اثنين من التوربينات الغازية من طراز 13E2 من “جنرال إلكتريك” في محطة المرافق العامة بالرويس للتكرير التابعة لشركة بترول أبو ظبي الوطنية “أدنوك”، بما ساهم في زيادة القدرة الإنتاجية الإجمالية للتوربينات بنسبة 23%. وعلاوة على ذلك، ستساعد حلول التحديث في تحقيق فوائد بيئية ملموسة، عبر الحد من انبعاث 18 ألف طن من ثنائي أكسيد الكربون سنوياً. وعملت “جنرال إلكتريك” على تطبيق تحديث مسار الغاز المحسن في مصر على 4 توربينات غازية في محطة توليد كهرباء غرب دمياط، بما أثمر في إضافة 19 ميجاواط من الطاقة الكهربائية في المحطة، بما يعادل احتياجات 15 ألف منزل للطاقة الكهربائية في البلاد.

ويمكن أن يكون تحديث الأصول الحالية عنصراً رئيسياً للحد من الانبعاثات الكربونية في قطاع الطاقة. وتواصل العديد من محطات توليد الطاقة عملها اليوم بالدورة البسيطة بكفاءة أقل من 30%، مع انبعاثات مرتفعة من أكسيد النيتروجين. وثمة تقنيات متوفرة اليوم لرفع مستويات الكفاءة بما يصل إلى 50% للوصول إلى كفاءة الدورة المركبة، بما يثمر في وفورات كبيرة على مستوى الوقود، ويحد بالتالي من انبعاثات الكربون.

ويمكن تزويد محطات توليد الطاقة الجديدة بتوربينات غازية تقدم مستويات أعلى من الكفاءة أكثر من أي وقت مضى. وعلى سبيل المثال، ساعدت توربينات “جنرال إلكتريك” الغازية من طراز HA بتسجيل اثنين من الأرقام القياسية العالمية، الأول عن إنتاج الطاقة في أكثر محطة توليد بالدورة المركبة كفاءة في العالم مع معدل كفاءة بلغ 63.08 بالمئة في محطة “شوبو إلكتريك نيشي-ناغويا” في اليابان، في حين تم تسجيل الرقم القياسي الثاني عن دور توربينات HA في مساعدة محطة بوشان التابعة لشركة الكهرباء الفرنسية في الوصول إلى معدل كفاءة صافي بلغ 62.22 بالمئة بالدورة المركبة. وباتت اليوم أسرع توربينات الحمل الثقيل نمواً حول العالم، مع وصول الطلب عليها إلى 100 توربين من قبل 40 عميل في 18 دولة. ومن بين العملاء هيئة كهرباء ومياه الشارقة لمشروع توليد الطاقة بالدورة المركبة المستقل بقدرة 1800 ميجاواط في الحمرية. وباستخدام ثلاثة توربينات 9HA من “جنرال إلكتريك” العاملة بالدورة المركبة، تتمكن الهيئة من الحد من الانبعاثات الكربونية بمعدل 4 ملايين طن سنوياً، مقارنة بالمستويات الحالية. ومن المذهل إدراك أن ذلك يعادل إزالة مليون سيارة عن طرق دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تتميز هذه التوربينات بقدرتها على التحول صعوداً ونزولاً بما يصل إلى 88 ميجاواط في الدقيقة، مع استمرارها بتحقيق متطلبات انبعاثات الغازات، ويمكنها أيضاً دعم الدول للتحول نحو المزيد من الاعتمادية على الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها، من خلال استعادة استقرار شبكات الطاقة الكهربائية.

واليوم، يمكننا مواءمة التوربينات الغازية لتعتمد على الموارد النظيفة في عملها على غرار الهيدروجين. وتمتلك “جنرال إلكتريك” أكثر من 75 توربين غازية تعمل بكفاءة باستخدام الهيدروجين وأنواع الوقود ذات القيمة الحرارية المنخفضة، بما في ذلك مزيج الهيدروجين والغاز الطبيعي. وقد حققت هذه الوحدات حتى الآن أكثر من 6 ملايين ساعة عمل. وتتمتع توربينات “جنرال إلكتريك” الغازية من طرازي B وE بالقدرة على العمل بنسبة 100٪ تقريباً باستخدام الهيدروجين مع تركيب أنظمة الاحتراق والملحقات المناسبة.

تقدم التقنيات الهجينة سبلاً إضافية لتلبية احتياجات الطاقة في المستقبل. ونجحت “جنرال إلكتريك” مؤخراً بإدخال تقنية تخزين الطاقة في البطارية عبر حلول تشغيل المحطات دون الاعتماد على الشبكة في محطة بيريفيل للطاقة ولاية لويزيانا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتقوم حلول تشغيل المحطات دون الاعتماد على الشبكة بإعادة تشغيل المحطة بحالتها المثلى دون دعم شبكات الطاقة الكهربائية في حال وقوع خلل كبير أو توقف كامل في منظومة توليد الطاقة. ولتفعيل هذه الحلول، عادة ما تمتلك محطات الطاقة الكهربائية التقليدية مولدات صغيرة تعمل بالديزل، تدعى مولدات الديزل لتشغيل المحطات دون الاعتماد على الشبكة، والتي يمكن استخدامها لتشغيل المولدات الأكبر حجماً، والتي يمكن تسخيرها في المقابل لتشغيل المولدات الرئيسية في المحطة. واليوم، تحظى محطة كهرباء بيريفيل بدعم نظام تخزين الطاقة في البطارية بقدرة 7.4 ميجاواط من “جنرال إلكتريك”، إلى جانب التوربين الغازي الذي يعمل بالدورة البسيطة. ويوضح هذا المشروع طبيعة طاقة الغاز والتخزين في البطارية المتكامل. ويشكل أيضاً نموذجاً محتملاً للمشاريع المستقبلية العاملة باستخدام توربينات 7F من “جنرال إلكتريك” التي يبلغ عددهاً أكثر من 950 توربين وتحتضن المملكة العربية السعودية، أكثر من 70 منها.

واختتمت الندوة التفاعلية نشاطاتها بحوار بناء وجلسة حية للأسئلة والأجوبة، وخلصت للتأكيد على أن الغاز سيبقى جزءاً أساسياً في مستقبل مزيج الطاقة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تأكيد “جنرال إلكتريك لطاقة الغاز” على التزامها بأن تكون دائماً شريك النمو في المنطقة، وتركيزها المتواصل على تعزيز البنية التحتية في قطاع الطاقة ليعتمد على الموارد النظيفة، ويمتاز بالاعتمادية، وكفاءة التكلفة.
-انتهى-

فيسبوك
تويتر
واتسآب
إيميل
طباعة

أقرأ ايضاً